هل عدم الثقة بالنفس مرض نفسي ويحتاج علاج؟
هناك خوف تجاه السؤال التالي هل عدم الثقة بالنفس مرض نفسي؟ وخاصةً عندما يكون صادرًا من فئة الأشخاص الذين يواجهون مشكلات عدّة في بناء ثقتهم بنفسهم. فهم يدركون أنهم ضعفاء بشخصيتهم مما يثير ذلك الضعف فضولًا وخوفًا للبحث عن الإجابة. واليوم في مقالنا المميز سنخبركم بالإجابة التفصيلية الكاملة. فتابعوا وطوّروا أنفسكم معنا.
هل عدم الثقة بالنفس مرض نفسي أم لا
في بداية الأمر ولأجل حسم الشك القابع بداخلكم تجاه هذا السؤال. فإنّ الإجابة المأخوذة من علماء النفس بهذا الشأن تقول إنه لا يوجد أي رابط بين قلة الثقة بالنفس والمرض النفسي. وبعضهم أشار إلى أنّ الموضوع لا يتجاوز كونه اضطراب نفسي فقط. حيث إننا نجد أنفسنا أمام كمٍ هائلٍ من الأبحاث التي تؤكد على أنّ قلة الثقة بالنفس من الصفات المكتسبة التي يتأثر بها الإنسان نتيجة المحيط والوسط الاجتماعي والبيئة الأسرية والكثير من العوامل الأخرى كالمدرسة والعمل. وبالتالي بمجرد أن يتم تغيير هذه البيئة أو الابتعاد عنها ستكون الأمور على ما يرام مع حاجة الفرد للقليل من الوقت كي يتأقلم على الوضع الجديد. وفي الجهة المقابلة رغم ندرة الأبحاث التي تقول أنّ ضعف الثقة بالنفس هو اضطراب نفسي إلا أنه يجب علينا أخذ الأمر على محمل الجد. فهنا من الأفضل أن نلجأ إلى طبيبٍ نفسي يعالج مرض آخر تولّد منه هذا الاضطراب.
إشارات تدل على عدم الثقة بالنفس
تعددت الحركات والإشارات التي توحي أنّ الشخص الذي يقف أمامنا غير واثق بنفسه. حيث أكدّ علماء النفس من خلال أبحاثهم أنّ الشخص المتدني باحترام ذاته قد لا ينكشف إلّا عن طريق أمور معينة يقوم بها. وبعيدًا عن العلامات المعروفة والأساسية اخترنا لكم هذه الإشارات الجديدة وصنفناها على النحو التالي:
الوقفة المرتخية
عندما تجدون الشخص الذي يقف أمامكم دائم الوقوف بانحناء أو أي وقفة لا توحي لانتصاب القامة. فهذا دليل على قلة ثقته بنفسه فهو لا يحب أن يظهر بصورةٍ واضحة وكاملة أمامكم. ولا يريد أن يراه الجميع كي لا يسمع أي نوع من النقد أو الكلام السلبي. ويجب علينا أن نحذر في الملاحظة، فهناك بعض الأشخاص تقوم بذلك نتيجة مرض معين أو تعب ما أصابها.
غياب السيطرة على النفس
عندما يكون الشخص غير واثقًا بنفسه يتغيب تمامًا عن ضبطها وكبح جماح عاطفتها. حيث نجده دائم الإفراط في كل شيء. ويندفع بطريقةٍ مبالغ فيها نحو الأمور والأشياء والأشخاص دون أي تفكير أو تخطيطٍ مسبق. كما أنه لا يعرف كتم مشاعره أبدًا. فعندما يغضب يحرق ما حوله دون أي وعي منه. لأنه باعتقاده البشرية كلها مسخرة له. وهذا يكشف عن الكثير من الاضطرابات النفسية التي يعانيها. وأهمها انعدام ثقته بنفسه.
المقارنة الدائمة مع الآخرين
يواظب الشخص الفاقد للثقة بالنفس على مقارنة وضعه بأي جانب من جوانب الحياة مع الآخرين. حتى وإن لم يكن يعرفهم، المهم أنه سمع عنهم. وهذا الأمر أيضًا تمّ تعزيزه من خلال مواقع التواصل الاجتماعي حيث يوجد الكثير من الأشخاص التي تقارن نفسها وحياتها مع ما تراه وهي لا تدرك أنّ أغلب الأمور المعروضة هي فقط للاستعراض لا أكثر. لذلك نجد الشخص الذي لا يثق بنفسه دائم التذمر ولا يعرف شعور الرضا أبدًا.
القلق والشك الدائم
الشخص غير الواثق بنفسه نجده قلقًا دائمًا. يشك بكل ما حوله بسببٍ أو دونه، يعتقد باستمرار أنه غير قادر على إظهار جوانبه الجيدة وقدراته المميزة لذلك لا أحد يحبه وبالتالي يظلّ يشك بهم بأنهم يحضّرون له مكيدة ما. وهذا ما ينعكس مباشرةً على علاقاته الاجتماعية سواء أكانت شخصية أم عامة. ففي حقيقة الأمر عندما يكون الإنسان غير واثقًا بنفسه فهذا لا يسبب ضررًا فقط لنفسه. بل للآخرين حوله أيضًا، ولا ينظر للأمور إلا بنظرة تشاؤمية ويبني توقعات سلبية مهما كان الأمر تافهًا وسخيفًا.
محاولة إرضاء الآخرين
الشخص الضعيف الذي لا يمتلك ثقة عالية بنفسه يسعى دائمًا لأن يكسب رضا الآخرين حتى وإن كان على حسابه الشخصي وما يفعله لأجلهم يهدد سلامه الداخلي ويزعزع أمنه ويقلل من شأن شعوره وفكره. والنتيجة أنه لا فائدة ترجى من هذه التضحية الساذجة لأن إرضاء الناس غاية لا تدرك بسبب اختلافهم سواء من ناحية البيئة التي يعيشون بها أم من ناحية التفكير وغيرها من الأمور الجوهرية.
اقرأ أيضاً: البرود العاطفي .. علامته وكيف تنقذ العلاقة منه؟
علاج قلة الثقة بالنفس أو انعدامها
بعدما تعرّفنا على إجابة سؤالكم “هل عدم الثقة بالنفس مرض نفسي؟” سنتجه نحو مجموعة من الخطط والخطوات المميزة التي ستساعدكم على علاج اضطراب عدم الثقة بالذات. وها هي الآن بين أيديكم على النحو التالي:
معرفة إمكانيات المرء
لكل إنسان منا صفات شخصية خاصة به تجعله مميزًا ومتفردًا عن غيره. وهذه الصفات تكوّن رسالته المختلفة في الحياة. وبالتالي يجب علينا دائمًا أن نوجه تركيزنا على الميزات القابعة بداخلنا، ونعززها مهما كانت بسيطة. ويجب علينا أن نؤمن بقدراتنا وتميزنا وأهميتنا.
بناء العلاقات الاجتماعية الإيجابية
يؤكد علماء النفس دائمًا على هذه النقطة تحديدًا. حيث إنّ شخصية الإنسان تتشكّل بنسبة كبيرة جدًا نتيجة تأثره بالأشخاص الذين يتعامل معهم يوميًا، أي أنهم قريبين جدًا منه. وبالتالي فإنّ إحاطة أنفسنا بالأشخاص الإيجابيين يدعموننا ويقدمون لنا يد العون دون أي تساهل أو هوان. هي ما تعزز كثافة ثقتنا بأنفسنا ويجب علينا أن نتمسك بوجودهم بحياتنا ولا نستغني عنهم أبدًا لأنهم يمثلون الجزء الأكبر من سعادتنا.
لنكن لطفاء مع ذاتنا
يجب علينا أن نتعلم جيدًا كيف يمكننا أن نكون لطفاء أكثر مع أنفسنا، فجميع الناس لديهم العيوب. لسنا ملائكة تمشي على الأرض مهما كثرت صفاتنا ومواقفنا الجيدة، وجميعنا نمتلك لحظات ضعف خاصة. لكن علينا أن نتعلم كيف نخرج للعالم بأبهى وأرقى قوة وابتسامات. فسلاحنا الوحيد هو المحاولة والسعي من جديد، مع ضرورة أن نواسي ونتفهم أنفسنا كما لو أننا الصديق الوحيد لها.
تحدي الذات
من أهم وأنجح الاستراتيجيات التي اتّبعها الكثير من الأفراد الناجحين في أثناء رحلة حياتهم، هي تطبيق استراتيجية تحدي الذات. حيث إنهم أكدوا على أهميتها ومفعولها أو كما يُقال تأثيرها القوي تجاه الثقة بالنفس. فعندما نتحدى أنفسنا بأننا سنفعل هذا الأمر، سيولد لدينا طاقة داخلية رهيبة تجعلنا نكافح ونحارب ونفعل كل ما بوسعنا دون أي هوان لأجل الوصول. وفي حال لم نستطع أن نصل لهدفنا فنكتفي بشرف المحاولة، وهذه العبارة هي الخلطة السحرية للثقة بالنفس. لأن مرورنا بتجارب صعبة ولربما مؤلمة تعزز ثقتنا بذاتنا المميزة بأن نواجه الأقدار القاسية دومًا.
مراقبة الأفكار الداخلية
يجب علينا أن نراقب الأفكار والأصوات التي تنبثق من ذاتنا. فغالبًا ما تكون سلبية وليس لها أي صحة من وجودها على أرض الواقع. لذلك إياكم أن تستسلموا لها كي لا تترسخ في عقولكم الباطنية وتسلب منكم ثقتكم بأنفسكم.
وفي ختام هذا المقال الشامل لسؤالكم هل عدم الثقة بالنفس مرض نفسي؟ يجب عليكم أن تدركوا الفرق بين الاضطراب والمرض النفسي. فالمرض غالبًا ما يرتبط بمشكلات عضوية وجسدية. على عكس الاضطراب الذي يكون مضمرًا ولا يمكن الكشف عنه بسهولة، ولهذا يجب عليكم أن تنصتوا لذاتكم أكثر وتتقبلوها كيفما كانت، فوحدكم من يستطيع تخليصها من أي أمر سيء يحدث أو سيحدث معها.