كيف تتجاوز الاهمال العاطفي وتتجنب تأثيراته السلبية عليك؟
العناية بالجوانب العاطفية من الحياة اليومية من الأمور التي لابد وأن تمنحها معظم اهتمامك. حيث يمكن للإهمال العاطفي أن يؤثر سلبًا على الصحة الجسدية والنفسية للفرد. وهذا هو السبب الذي جعل الكثير من المؤسسات تنشر الوعي الكافي لتجنب الاهمال العاطفي ومن ثم الآثار الناتجة عنه.
ما هو الاهمال العاطفي؟
الإهمال العاطفي هو أحد أنواع الإساءة النفسية الرئيسية التي يتعرض لها الأفراد في مختلف العلاقات العاطفية والعائلية. سواء كان ذلك عن قصد أو بدون قصد التقصير في توفير احتياجات الطرف الآخر النفسية والجسدية.
يبدأ هذا النوع من الإهمال من خلال مجموعة من الأساليب التي يتعامل بها أحد الطرفين مع الآخر والتي من أهمها:
- عدم الاهتمام بمشاعر الطرف الآخر واحتياجاته النفسية.
- عدم الحرص على التفاعل معه في مختلف المواقف.
- إهمال الرد على رسائله التي يرسلها من وقت لآخر والعمل على تجاهله معظم الوقت.
- عدم توفير الدعم الكافي اللازم لمنحه صحة نفسية جيدة خالية من التشوهات الفكرية والعاطفية.
- التقليل من أهمية مشاعره في المواقف المختلفة.
يؤثر الإهمال العاطفي على الصحة النفسية للإنسان ويظهر ذلك في الشعور بالحزن والعزلة باستمرار، القلق والتوتر. انعدام الثقة بالنفس ومن ثم حدوث آلاف الاضطرابات في العلاقات التي يقيمها هذا الشخص مع من حوله.
الأسباب التي تؤدي إلى الإهمال العاطفي
مع تقدم الوقت استطاع الخبراء الكشف عن تلك الأسباب والعوامل التي تؤثر على الاهتمام العاطفي في العلاقات المختلفة، ومن بين تلك العوامل:
- كثرة الضغوط النفسية والحياتية التي تؤثر على الفرد وعائلته بوجه عام، هذه الضغوط تختلف من شخص لآخر وتتمثل في العمل، الدراسة. والمسؤوليات المختلفة.
- فشل العلاقات الذي يدفع الشخص ذاته إلى العزلة والبعد عن الناس، وذلك بسبب عدم قدرته على استعادة الثقة بنفسه ومن ثم الآخرين كما كان الحال من قبل، تلك العلاقات السيئة قادرة على إصابة الإنسان بالقلق والتوتر من المستقبل.
- القلق والاكتئاب كلاهما عاملان من عوامل الضغط والاهمال العاطفي الذي ينشأ بين العلاقات.
- التأثر ببعض العادات والتقاليد الثقافية التي تختلف من بلد لآخر، والتي تؤثر بدورها على طريقة تعامل الفرد ذاته مع العلاقة أو المشكلة العاطفية. حيث أن هناك عدد لا بأس به من الثقافات التي تقدس العمل لفترات زمنية طويلة بالصورة التي تولد الجفاف العاطفي في النفوس.
- انجراف الشخص وراء المغريات المنتشرة بكثرة خلال هذه الفترة، والتي يتمثل أهمها في تناول الكحول، المخدرات. والألعاب الإلكترونية التي تضيع معظم الوقت، بل كله.
- الشعور بعدم الثقة في النفس للحد الذي يجعل الإنسان ينسحب من العلاقة العاطفية نظرًا لشعوره بعدم القدرة على تلبية متطلبات الطرف الآخر.
- عدم القدرة على التعبير عن المشاعر والأحاسيس المختلفة تلك الصفة التي تجعل الإنسان يهمل العلاقة كلها.
- اختلاف الأولويات والعمل على تحقيق الأهداف الشخصية دون النظر إلى متطلبات وأهداف الطرف الآخر.
- قد يؤثر البعد الجغرافي على قوة العلاقات العاطفية بين الأفراد مما يؤدي إلى قلة الاتصال والتواصل بين الأفراد.
الاهمال العاطفي في الحياة الزوجية
يعتبر الإهمال العاطفي من أهم الأسباب التي تؤدي إلى فشل العلاقة الزوجية بين الطرفين. لكثرة المشكلات والشجارات التي تحدث بينهما باستمرار نتيجة لعدة أسباب منها ما يلي:
- قلة الاهتمام بين الطرفين عندما يفقد أحدهما أو كلاهما الشغف في بناء وتوطيد العلاقة كما كانت من قبل، حيث يصبح كلا الطرفين غير قادر على بذل الحد الأدنى من المجهود بالطريقة التي تشعر الطرف الآخر بالإهمال العاطفي.
- كثرة الضغوط الحياتية والنفسية التي تقع على عاتق طرفي العلاقة. تلك الضغوط التي تنشأ عن العمل والمسؤوليات المتعددة التي يقوم بها الفرد والتي تؤثر على الوقت اللازم لتلاقي الشريكين مع بعضهما البعض.
- الغياب العاطفي نتيجة لعدة أسباب رئيسية من أهمها السفر. العمل أو حتى المرض الذي يؤثر على الإنسان ويقوده إلى الانفصال عن الطرف الآخر.
- الخيانة العاطفية التي تأتي في مقدمة الأسباب المؤدية إلى الإهمال العاطفي وانتهاء العلاقات المختلفة. ذلك السبب الذي يجعل شريك الحياة يصعب عليه الشعور بالثقة ومن ثم فقدان الشغف في إقامة العلاقات العاطفية الأخرى.
- الروتين والملل يمكن أن يؤدي إلى المعاناة من الاهمال العاطفي. تلك الحالة التي يصعب فيها على كل من الشريكين فهم احتياجات بعضهما البعض والتواصل بطريقة مستمرة.
- قد تؤدي الخلافات الشخصية المتكررة بين الطرفين إلى تدهور العلاقة تدريجيًا ومن ثم تعرض الأطفال للمشكلات النفسية المختلفة أيضًا.
- عدم القدرة على تحمل المسؤوليات الشخصية التي تتضمن إصلاح الأخطاء الشائعة في العلاقات والشروع في الاعتذار. تلك الحالة من الكبر والغرور تؤدي إلى زيادة الخصومة والتهرب بين الطرفين من المواجهة.
اقرأ أيضاً: مسببات الفراغ العاطفي وكيف تعالجها؟
الاهمال العاطفي في الطفولة
تفاقمت الكثير من المشكلات النفسية والاجتماعية. نتيجة لتلك النزاعات الأسرية والخلل الناشئ في الأساليب التربوية التي يعتمد عليها الآباء مع أبنائهم. والتي تتمثل أهمها في الجفاف العاطفي الذي يملأ قلوبهم بالصورة التي تجعلهم لا يعلمون عن تلك الفطرة الأبوية شيئًا. ولا يلتمسون الطرق والوسائل المختلفة في التقرب منهم. لهذا السبب يعد الإهمال العاطفي واحدًا من أشكال الإساءة النفسية الشديدة التي يتعرض لها الطفل خلال سنوات نموه الذهني والجسدي الأولى. لما له من آثار سلبية متعددة للغاية على صحته النفسية والاجتماعية على حد سواء.
آثار الإهمال العاطفي على الأطفال
مؤخرًا ظهرت العديد من النتائج السلبية التي تمثل صور شديدة الدقة للإهمال العاطفي الذي يتعرض له الطفل كما يلي:
- انخفاض الثقة بالنفس والآخرين. حيث يشعر الطفل المعرض للإهمال العاطفي بالعزلة، مما يؤدي إلى انخفاض مستوى الاعتماد على النفس في الحاضر والمستقبل.
- يمكن أن يخلق الإهمال العاطفي شعورًا لدى الأطفال بالحزن والاكتئاب. فهم عادة ما يشعرون بالتخلي والاحتقار من فئة ليست بقليلة من المجتمع.
- قد يصاب الطفل بصعوبات التعلم خلال سنواته الدراسية الأولى. وذلك لشدة تأثير الاهمال العاطفي على تطور المستوى العقلي والنفسي له. ومن ثم تأثيره على طرق وأساليب التفكير والتعلم المختلفة.
- قد تظهر بعض السلوكيات غير المناسبة للأطفال مثل: العدوانية، الانطوائية، وكذلك التمرد بسبب الشعور الدائم بالهروب من المجتمع وعدم قدرته على مواجهة تلك التحديات والمشكلات بمفرده.
- قد يلجأ الطفل إلى الإدمان وممارسة السلوكيات الخطرة للغاية مثل: تناول المخدرات. الكحوليات وغيرها كوسيلة للتخلص من ذلك الألم النفسي مما يشكل خطرًا كبيرًا على صحته النفسية والجسدية بوجه عام.
- التأثير على العلاقات الأسرية المختلفة بصورة سلبية للغاية ومن ثم الشعور بعدم الأمان والانعزالية. التي تظهر في جميع المواقف التي يتعامل بها الطفل مع غيره سواء القريب أو البعيد.
علاج الاهمال العاطفي
لا تجعل المشكلات الاجتماعية تؤثر على حياتك النفسية. فقط كل ما عليك هو اتباع الوسائل التالية لكي تتخلص من آثار ونتائج الاهمال العاطفي بصورة كلية:
- التعرف على مسببات المشكلة من خلال التعلم والبحث عن كافة الأساليب التي تشعر الفرد أنه مهمل عاطفيًا.
- البحث باستمرار عن الدعم اللازم في العلاقات المختلفة مثل: الأصدقاء، الأقارب، وكذلك الآباء بالمنزل للحصول على القدر الكافي من الاهتمام والشعور الدائم بالانتماء.
- العمل على تعزيز جميع العلاقات الاجتماعية من خلال التواصل مع الآخرين باستمرار وتعزيز الدعم العاطفي والنفسي لديهم.
- تعلم كافة سبل وأساليب التواصل الفعال والتعبير عن العواطف والمشاعر المختلفة في الوقت المناسب.
- اللجوء إلى العلاج النفسي المبني على الأسس العلمية السليمة في حالة تفاقم المشكلة وعدم القدرة على التحكم فيها وإيجاد الحلول المختلفة.
وفي الختام، الصحة النفسية من أهم الأشياء التي يجب أن يحافظ عليها الفرد لكي يضمن الحفاظ على سلوكياته ومن ثم حياته الاجتماعية والعملية. ولهذا السبب لا تدع الاهمال العاطفي يقف أمام طموحاتك وعلاقتك المختلفة.