يقتحم عقلنا سؤالًا مهمًا عندما نبدأ في رحلة البحث عن رسالتنا في الحياة. ألا وهو “كيف أطور نفسي”، وفي حقيقة الأمر هذا السؤال تحديدًا يحمل الكثير من الإجابات والحلول. ولكن لا يمكن الاستفادة منها إلّا في حال تطبيقها والتحلي بالصبر وإعطاء الوقت حقه ليأخذ الكون مجراه ويساعدك على تحقيق أهدافك.
كيف أطور نفسي وأنميها
إن تطوير الذات لا يعتمد على ناحية واحدة فقط دون غيرها. بل يشمل نواحي عدّة علينا أن نعرفها كلها، وفي هذا المقال جمعنا لكم أهم تلك الأمور والّتي يمكن من خلالها الانطلاق نحو عالمكم الّذي تطمحون إليه:
الاهتمام بالجانب الروحي
إن هذا الأمر تحديدًا يختلف من شخصٍ لآخر، فالبعض يسمونها صلاة، والبعض تأمل، ولكن أيًّا كانت التسمية علينا أن نهتم ونعطي وقتًا أكبر للجانب الروحي من حياتنا. فذلك سيجلب لنا الهدوء والسلام الداخلي ويجعلنا نفكّر بطريقةٍ آمنة وسليمة أكثر. مما يتيح المجال لأخذ القرارات الصائبة في حياتنا.
الاعتراف بالمخاوف والسلبيات
أوّل طريق علينا السير به في المغامرة الطويلة لتطوير الذات هو أن نعترف بكل أخطائنا الماضية ونتقبّل ما حدث. ونصارح أنفسنا بكلِّ سلبياتنا مهما كانت بشعة أو معقدّة ومخاوفنا مهما كانت تدعو للسخرية. لأنه لا يوجد أي حل آخر للتغلب على هذه الأمور، وبالتالي نقوم بتغييرها رويدًا رويدًا أو من الممكن التأقلم على وجودها بأقل ضررٍ ممكن، فمن أكثر ما هو خاطئ في حقِّ أنفسنا أن نتجاهل معرفتنا بنقاط ضعفنا. لأنه في هذه الحال سنكون عرضةً للتحطّم النفسي من قبل أي شخص ينتقد شيئًا ما بنا، وقد نتعرض في بعض المواقف لوضع حياتنا على المحك نتيجة عدم إدراكنا ماهية الطرق للتعامل مع هواجسنا.
التركيز على الإيجابيات

بعد إدراكنا الصفات السلبية ونقاط الضعف الموجودة عندنا علينا تحويلها إلى عادات إيجابيّة وجديدة. إضافةً إلى ذلك يجب علينا تعزيز الصفات الحميدة الّتي نمتلكها ونحب ونكرم ذاتنا لوجودها. وهنا يجب الإشارة إلى أنه لا يوجد في العالم أسره أي إنسان مثالي، ولكن كل شخص فينا يسعى بمجهوده الخاص أن يكون شخصًا استثنائيًا فخورًا أمام نفسه. ففي حال لم يستطع تغيير عادة سلبية ما أو صفة سلبية معينة هذا لا يعني أنه شخص سيء.
الترفيه عن النفس
من المهم جدًا أن نبحث عن هواية جديدة أو تكثيف الاهتمام والحب لهوايتنا الّتي نعرفها وترافقنا منذ زمنٍ بعيد. فهذا التجدد أو التغيير سيخلق نوعًا من توسع مدركاتنا ونظرتنا حول هذا العالم وحول أنفسنا أيضًا. فمن خلال البدء بممارسة هذه الهوايات يمكننا معرفة مدى قدرة استجابة أجسادنا ونفسيتنا وعواطفنا وعقلنا لأي شيء جديد، وماذا نتقبّل وماذا نرفض. فضلًا عن ذلك سترفع هذه الأشياء من طاقة سعادتنا الداخلية وتصبح حياتنا أقل توترًا وضغطًا.
الاهتمام بالصحة والرياضة
من الضروري جدًا أن نعي أنَّ الصحة تلعب دورًا كبيرًا في تحديد ماهية نفسيتنا ومزاجنا. فعندما نحافظ على صحة أجسامنا. سواء من الناحية الطبيّة أم من ناحية الوزن واللياقة ينعكس ذلك تلقائيًا على شعورنا بالرضا والامتنان. وبالتالي من واجبنا أن نعمل على تكوين جسد رياضي يتمتع بلياقة عالية. لذلك علينا تحديد هدف ضبط أجسامنا وإبعادها عن كل ما يضرها لتكون أكثر جمالًا وجاذبية. مما يعني أنه علينا أن نقرر أن يكون لدينا على الأقل خمس عشرة دقيقة يوميًا نمارس بها رياضة بسيطة بغض النظر عن نوعها. سواء أكانت تمرينات جسدية أو اللعب بكرة القدم أو السباحة أو أي نوع آخر من الرياضات الّتي نحبها.
البحث عن مشجع ودافع للنجاح
لا يمكن للنجاح أن يأتي فجأة بين ليلةٍ وضحاها. فهو عبارة عن تراكمات من الاستمرار والجدِّ والمثابرة والصبر والكثير من الأمور الجيدة والمؤلمة في آنٍ معًا.
ولكن حقيقةً لا يمكن تذوق طعم النجاح إلا أن كان هنالك منافس شرس لك، وهذا المنافس قد لا يكون شخصًا. بل من الأفضل ألّا يكون شخصًا، عليك أن تختار دافعك بعناية لأنه سيكون أمرًا عظيمًا يدفعك دائمًا للاستمرار والتقدّم والمحاولة من جديد مهما كثرت العثرات. فهو يعكس أيضًا طاقة مذهلة على طريقة أدائك وفي بعض الأحيان تكتشف قدرات جديدة لم تكن تدرك أنها موجودة عندك، مما يعني أن شخصيتك ستنمو وتتطوّر من نواحي عدّة وجديدة.
اختيار المصادر والمراجع المناسبة

بعد أن تحدد هدفك ورسالتك في الوجود، وتعرف نقاط ضعفك وقوتك وتعي تمامًا ما تهوى، عليك أن تختار بعناية فائقة المصادر الّتي تتعلم منها الأشياء الجديدة أو تطوّر ما لديك مسبقًا. فكن حذرًا وواعيًا في ذلك، فليس كل ما يُقال يطبّق على أرض الواقع، وفي حال أُعجبت بشخصية معينة وحاولت تقليدها لا بأس بذلك لفترة معينة من الزمن، لكن بعدها خذ مسارك المستقر والخاص. واصنع عالمك المميز بالطريقة الّتي تراها أنت مناسبة. عندما تصل لهذا المستوى من الوعي والإدراك فأنت فعليًا تجاوزت مرحلة تطوير الذات وبدأت بمرحلة أعلى وأسمى ألا وهي تقدير الذات.
التطبيق والالتزام
يعتبر الالتزام والتطبيق لكل ما تعلمته أمرًا مهمًا وضروريًا ولا ينبغي عليك الاستهانة به على الإطلاق، لكن كن يقظًا، الالتزام لا يعني أن تقيد نفسك. بل كن حرًّا بحيث تعطي كلمتكَ لنفسك وأنت تعي تمامًا أنك قادرٌ على تطبيق ما قلته بحذافيره، وحقيقةً تعتبر هذه الخطوة الحقيقية العملية لتطوير الذات.
معرفة متى تتكلم ومتى تصمت
إنَّ الناضج الحقيقي يعرف تمامًا متى يتكلم ومتى يصمت. ويعرف أن الصمت يفوز في الكثير من الحوارات والأمور المتعلقة في الحياة. لذلك استخدم فمكَ، ولكن لا تنسى أن لك أذنان تصغي بهما جيدًا لتعرف انتقاء عباراتك. وبذات الوقت تكلم وعبر عن آرائك وأفكارك حتى لا تقع في فخ العزلة والانطواء.
قضاء الوقت مع وسائل التعلم
ليكن رفيق دربك هو الوسيلة التي تتعلم بها. عليك أن تكثر من قراءة وسماع كل ما يخرج أمامك ضمن المجال الذي تريد تطوير نفسك به. ولتخصص القسم الأكبر من وقتك لذلك، واجعلها عادة يومية لا غنى عنها. بدل تواصلك المستمر مع الأشخاص حولك، لكن هذا لا يعني أن تقطعهم. بل وازن بين نفسك وأحلامك وبينهم، كن واعيًا للأولويات في حياتك فهي من ستحدد نجاحك في أي مجال.
التواصل المعرفي
إياك أن تنسى أن التواصل المعرفي مهم جدًا لثبات المعلومة في دماغك، لذلك لا غنى عن الأشخاص حولك. فهم ثروتك لتعزيز معلوماتك ومدركاتك حتّى ولو خالفوك في الرأي والنظرة للموضوع الّذي تطرحه. وأيضًا إن التفاعل مع الآخرين والتعبير عن الأفكار والمشاعر الّتي تحدث داخلك يجعلك أكثر حيويةً ونشاطًا ويوسع أفق تفكيرك.
أخذ قسط من الراحة
أنت لستَ رجلًا آليًا قادرًا على القيام بمهامه بأكمل وجه دائمًا. لذلك لا تقلق عندما تتهاون قليلًا، بل أعطِ تعبك حقه وخذ قسطًا من الراحة النفسية. إن هذا الموضوع من أهم الأمور التي تجدد طاقتك وتعيد حيويتك إلى ساحة الجد والعمل.
وفي ختام المقال، إن معرفة الطرق التي تجيب عن سؤالكم “كيف أطور نفسي” لا تقل أهمية أي واحدة منها عن أخرى. فهذه الخطوات مهما بدت لك بسيطة أو حتّى صعبة، هي من ستحدد مستقبلك. ولا تنسى أن الحياة تحمل مفاجآت وليس واجب عليك أن تحارب باستمرار، وبذات الوقت، كافح بكل ما لديك من طاقة وقوة ودافع.