أهمية اليقظة الذهنية في التخلص من الضغوطات والتوتر
اليقظة الذهنية مصطلح علمي واجتماعي شهد انتشاراً واسعاً في الآونة الأخيرة. وعلى الرغم من ذلك فإنه ما زال هناك الكثير من الأشخاص الذين يجهلون ماذا يعنيه هذا المصطلح وإلى ماذا يشير وما الفائدة منه. ولذلك سوف نتناوله اليوم في مقالنا هذا ونتحدث عنه كمفهوم ونذكر أهميته والكثير من الأمور التي يختص بها.
اليقظة الذهنية كمفهوم عام
اليقظة الذهنية ببساطة تعني ممارسة الوعي العقلي في اللحظة الراهنة دون الحكم على شيء في هذه اللحظة. لذلك فهي تبقيك في حالة يقظة واعية بكل ما يحدث في هذه اللحظة حولك وتساعدك على عيش اللحظة الراهنة والاتصال بالحياة والوصول إلى السلام الداخلي. كما تعد اليقظة الذهنية مهارة تترجم قدرتك على الوعي بأحاسيسك ومشاعرك في اللحظة ذاتها. دون الاكتراث بالماضي أو حتى المستقبل أي أنها قدرتك على تمرير هذه اللحظة بشكل مرن وبسيط. بالإضافة إلى ذلك فإن اليقظة الذهنية لا تتطلب من الفرد أدوات خاصة للوصول إليها. بل إنها تتطلب منك فقط التركيز والتدرب على تركيز ذهنك على اللحظة الراهنة بالنسبة لك دون توتر أو تفكير بأي شيء آخر سوى هذه اللحظة.
أهمية اليقظة الذهنية
لهذه المهارة الكثير من الفوائد وقد يتم استخدامها لعلاج العديد من الاضطرابات أيضاً ومن أهميتها نذكر:
تساعد على التحكم بالمشاعر و ردود الأفعال
اليقظة الذهنية تمنح السلام الداخلي للشخص الذي يستطيع ويعرف كيف يمارسها من خلال غمر عقله باللحظة الآنية وتقبل مشاعره بدلاً من محاولة قتلها أو تغييرها وذلك لأن هذا الوعي باللحظة يساعد على التركيز فيها متجاهلاً كل الأفكار المؤدية لمشاعر القلق والتفكير الزائد.
علاج للعديد من الأمراض النفسية والجسدية
إن مهارة اليقظة الذهنية موجودة من آلاف السنين في العديد من الثقافات إلا أنه في عالم الطب تم الاعتراف بها في سبعينيات القرن الماضي حيث شهدت تطوراً واسعاً وأطلق عليها اسم العلاج المعرفي القائم على اليقظة وتم استخدامها لعلاج الأمراض مثل القلق والتوتر والأرق والإرهاق وبعض أنواع السرطانات.
تساعد على الاسترخاء
يتعرض الفرد بشكل يومي للعديد من الضغوطات سواء على صعيد الحياة الشخصية أو العمل أو أي مكان آخر وهذه الضغوطات تسبب التوتر والعديد من المشاعر السلبية التي تؤثر على الصحة العقلية للفرد. لذلك يمكن التخلص من كل تلك المشاعر و المشكلات والاضطرابات عن طريق ممارسة اليقظة الذهنية التي تقوم بدورها بمساعدة الفرد على الاسترخاء الجسدي والعقلي وطرد كل ما هو سلبي وجذب الرفاهية والإيجابية للعقل والجسد.
صقل التركيز والتخلص من التشتت
التشتت أمر مزعج كثيرا فعندما تشتت وأنت تقوم بعمل ما فإن ذلك يسبب ارتكابك للكثير من الأخطاء والثغرات. لذلك عندما تمارس اليقظة الذهنية فإنك سوف تتخلص من كل ذلك وتركز في عملك بشكل أفضل وتخرج بنتائج أفضل في أي مجال تعمل به، فممارسة اليقظة الذهنية بمثابة تقوية للعضلات العقلية وقد أجرت العديد من التجارب التي كانت نتيجتها أن القدرة على التركيز والانتباه سوف تتحسن بصورة كبيرة عند ممارسة اليقظة الذهنية لمدة ١٢ دقيقة فقط يومياً.
التخلص من الأرق
اضطرابات النوم وعدم القدرة على النوم بشكل سريع مشكلة شائعة ولعلاج ذلك استخدمت اليقظة الذهنية التي تفوقت على العلاج السلوكي المعرفي في التخلص من الأرق لدى العديد من الأشخاص حسب التجارب التي أجريت.
التخلص من الآلام المزمنة
يعاني الكثير من الأفراد من الآلام المزمنة لذلك تم استخدام اليقظة الذهنية للتخفيف من هذه الأعراض والتقليل من استخدام الأدوية والعقاقير وقد أكد ذلك الأستاذ الأمريكي إريك جارلاند وهو عميد مشارك في الخدمات الاجتماعية بجامعة يوتا حيث قال في ذلك أن ممارسة اليقظة الذهنية تساهم بشكل كبير في مساعدة الأشخاص على التعامل مع الآلام المزمنة وذلك بنسبة ٢٣ % بالإضافة إلى مساعدة هؤلاء الأشخاص على التقليل من اعتمادهم على الأدوية والمسكنات للتخفيف من تلك الآلام.
اقرأ أيضاً: فوائد الاسترخاء العظيمة ستجعلك تدمنه
تمارين اليقظة الذهنية
لهذه المهارة تمارين متعددة يمكن البدء بها تمرين تلو الآخر والتدرب عليها وهذه التمارين هي:
الامتنان
ثمة أشياء صغيرة في حياتنا نعتبرها أمور عادية ولا نلقي لها أهميّة، لذلك تأتي أهميّة هذا التمرين لأنه يعيد تركيز الفرد إلى جمالية العالم من حوله وذلك من خلال الذهاب في نزهة في أحضان الطبيعة والتفكير في جميع الأشياء التي من حوله ويشعر بالامتنان لوجودها في حياته، جولة قصيرة لمدة ربع ساعة قد تكون كافية. لكن يجب الحرص خلالها على التركيز على جميع التفاصيل الصغيرة والدقيقة.
تمرين دقيقة اليقظة
يتم ممارسة هذا التمرين من خلال التالي:
- العثور على مكان هادئ يساعد على الإسترخاء فيه.
- إغماض العينين.
- التركيز على المكان الذي تتنفس منه أكثر من الآخر أي الرئة أو الأنف.
- حساب عدد الأنفاس لمدة دقيقة.
- كلما تم الوصول إلى ١٠ أنفاس إعادة العد مرة أخرى وهكذا حتى تسترخي وتنسى كل شيء وتركز في تلك اللحظة فقط.
- إذا تشتت الانتباه يجب إعادة التركيز على الأنفاس مرة أخرى.
الحواس الخمسة
يعتمد هذا التمرين بشكل أساسي على استخدام الحواس الخمسة كما يلي:
- حاسة البصر من خلال النظر فيما حولك والتركيز في كل تفصيل.
- السمع من خلال التركيز في الأصوات التي تسمعها الآن.
- حاسة اللمس من خلال التركيز على ما تشعر به خارجياً وداخلياً.
- الشم عن طريق أخذ نفس عميق والتركيز على الروائح التي تستطيع تمييزها.
- حاسة التذوق يمكنك استخدامها حتى لو لم تكن تأكل وتشرب، فيمكنك التركيز على المذاق المعين الموجود في فمك الآن.
تمرين العد التنازلي
يسمى أيضاً تمرين ١ ٢ ٣ ٤ ٥ ويتم هذا التمرين كما يلي:
- التركيز على خمسة أشياء تستطيع رؤيتها في اللحظة.
- أربعة أشياء يمكنك الشعور بها الآن.
- ثلاثة أشياء تستطيع سماعها.
- شيئان يمكن أن تشمهما.
- شيء واحد تستطيع تذوقه.
وفي هذا التمرين يجب التركيز بشكل جيد على كل خطوة من هذه الخطوات.
التعاطف الذاتي
هناك العديد من الأشخاص يجيدون التعاطف مع الآخرين لكنهم لا يفعلون ذلك مع أنفسهم، وهذا الأمر يقود للعديد من المشكلات والمشاعر السلبية، لذلك فإن هذا التمرين يقوم على أساس أن يكون الفرد لطيفاً مع نفسه ويتعاطف معها كما يتعاطف مع أي شخص آخر من خلال اسماع نفسه كلمات لطيفة والتودد لها والحديث معها بشكل إيجابي، كما يمكن للفرد استخدام هذا التمرين كلما واجه المواقف الصعبة والتحديات والمشاكل في حياته.
وفي نهاية المقال يمكن القول أن اليقظة الذهنية علاج مجاني وسهل لكل ما يزعجك ويمكن القيام بها في المنزل وفي الوقت الذي تختاره، إلا أن ذلك لا يعني أنك يمكن أن تمتلك هذه المهارة بشكل سريع بل أنها تحتاج إلى التمرين والممارسة للوصول إلى النتائج المرغوبة وإلى درجات متقدمة منها.