الخدر العاطفي .. ما هو؟ وكيف تتخلص منه في علاقتك؟
الخدر العاطفي، هل شعرت يومًا بأنك فقدت الشغف والحماس تجاه الأنشطة المحببة إليك؟ هل تعرضت من قبل لصدمة عصبية وفقدت القدرة على الاستجابة العاطفية لها؟ إذا كانت إجابتك نعم. فأنت لست وحدك، لأن الخدر العاطفي أصبح تحديًا شائعًا يواجه الكثير من شباب العصر الحديث. وخلال سطور هذا المقال سنتطرق لدراسته بشيء من التفصيل.
ما هو الخدر العاطفي؟
الخدر العاطفي من المشكلات النفسية التي يتعرض لها الشباب بصورة مؤقتة أو دائمة. وهي تظهر كحالة من فقدان الشغف أو الاهتمام بالأنشطة المختلفة والأحداث اليومية للحد الذي يجعل المصاب ينعزل بحياته العاطفية تمامًا عما يحدث من حوله.
قد يتعرض البعض لتلك الحالة من الانعزالية لفترة زمنية مؤقتة بسبب ظروف نفسية معينة ليعود بعدها كما كان طبيعيًا مقبلًا على الحياة. بينما لا يستطيع البعض الآخر التعافي من تلك الحالة. لتصبح بعدها نمطًا حياتيًا يتخذه المصاب للوقاية من تلك المشكلات والصدمات الحياتية المختلفة.
لم يقتصر الخدر العاطفي على كبح المشاعر الإيجابية فقط وإنما يمتد لكي يشمل تلك السلبية أيضًا بالصورة التي تجعل التجاهل سمة رئيسية من سمات المصاب بهذا الاضطراب.
أسباب الخدر العاطفي الأكثر شهرة
بعد التعرف على طبيعة هذا الاضطراب النفسي دعونا نبحث سويًا عن الأسباب الرئيسية والعوامل التي تساعد على نمو هذه الحالة الانعزالية لدى المصابين:
التعرض للصدمات النفسية
هي أول العوامل الرئيسية التي تنتهي بصاحبها عند الخدر العاطفي، وهي تتضمن العديد من المشكلات النفسية مثل: وفاة شخص عزيز. التعرض للتحرش، التعرض للعنف، فقدان الوظيفة، الخيانة، الرسوب في الاختبارات الدراسية بشكل غير متوقع.
بمجرد تعرض الفرد لتلك الصدمات النفسية سوف تصبح دماغه غير قادرة على استيعاب حجم الضرر الذي أحل به. ومع زيادة الهرمونات المصاحبة للشعور بالتوتر والقلق يبدأ المصاب بتجاهل المشكلة تمامًا. بدافع الخوف من التعرض لها مرة أخرى دون السعي إلى طلب المساعدة ممن حوله.
التعرض للصدمات الجسدية
مقارنة بالاضطرابات النفسية نادرًا ما تسبب الصدمات والأمراض الجسدية الإصابة بالخدر العاطفي.
ولكن هناك بعض الأمراض الخطيرة التي تجعل الإنسان غير قادر على التعبير عن مشاعره تجاهها مثل: السرطان الذي يدخل صاحبه في حالة من القلق والشعور باقتراب الموت. كما أن الإعاقة الجسدية أو الذهنية يمكن أن تشعر الفرد بالعزلة عن البشر.
التجارب السلبية القاسية
هنا يمكن أن يتفاوت الخدر العاطفي الذي يصاب به الإنسان وفقًا لعدة عوامل من أهمها: الشدة، قدرة الشخص ذاته، وكذلك الفترة الزمنية.
التجارب السلبية التي تؤثر على حياة الإنسان للحد الذي يفقده مشاعره هي الخيانة العاطفية، العنف، الحروب، الهجمات، السرطان، الموت المفاجئ. الجروح، محاولات القتل، الحوادث، الحروق، الصدمات، البيئة غير الصحية، العمل الشاق. الاستغلال وغيرها من الأمور التي تؤثر على حياة البشر للحد الذي يجعلها لا تنسى طوال فترة الحياة.
العلاقات الاجتماعية السيئة
سوف يشعر الشخص الذي يتعرض باستمرار للمشكلات الاجتماعية بالقلق والاكتئاب بصورة تجعله غير قادر على التواصل مع الآخرين من حوله. أو التعبير عما يشعر به في المواقف المختلفة وخصوصًا تلك التي تنتج من الكوارث والتصادمات.
التعرض للاضطرابات الذهنية الأخرى
هناك العديد من الاضطرابات النفسية التي تسبب البرود العاطفي، منها ما يلي:
- اضطراب القلق الاجتماعي.
- اضطراب الشخصية الحدية.
- الاكتئاب.
- اضطرابات الإدمان.
- اضطرابات الشخصية النرجسية.
أشهر أعراض الخدر العاطفي
يمكن أن تختلف الأعراض من حالة لأخرى تبعًا لشدة الإصابة. ولكن البعض منها يتكرر عند جميع المصابين كما يلي:
- الشعور بالغربة والانعزال عمن حوله من الأقارب والأصدقاء.
- فقدان الشغف ناحية الأنشطة التي كان يستمتع بالقيام بها سابقًا.
- عدم القدرة على التعبير عن المشاعر المختلفة بالضحك أو البكاء كالأشخاص العاديين.
- فقدان الدوافع والشعور باليأس والإحباط تجاه المستقبل.
- عدم الاهتمام بالعلاقات الاجتماعية التي يمتلكها، هذا الفعل ينتج عن الانطوائية والانعزالية التي أصبح عليها.
- الشعور بالإعياء الشديد والمستمر والرغبة في النوم الدائم.
- عدم القدرة على التركيز أثناء ممارسة الأنشطة والمهام المختلفة من العمل والدراسة.
- الشعور بالقلق وعدم القدرة على ضبط الساعة البيولوجية للجسم.
- الشعور بالخجل والإحساس بالذنب لعدم قدرته على الحديث عن مشاعره وعواطفه في مختلف الظروف.
- التعرض للضغوط العاطفية والنفسية مثل: التحديات المالية، العائلية، والعملية.
- الإصابة بالمضاعفات النفسية الأخرى مثل: القلق، التوتر، الاكتئاب، واضطراب الشخصية بوجه كامل.
اقرأ أيضاً: أهم أسباب وأعراض الفصام العاطفي وكيف يتم علاجه؟
كيفية علاج الخدر العاطفي
على الرغم من اختلاف الأعراض تبعًا لدرجة الاضطراب التي يعاني منه المصاب. إلا أنه توجد مجموعة من الطرق العلاجية الفعالة، هي كالتالي:
الخضوع لعدد معين من الجلسات النفسية
الجلسات النفسية تهدف إلى تعليم هؤلاء المصابين بالاضطراب والقدرة على التواصل مع الآخرين والتعبير عن المشاعر التي تراودهم. إلى جانب مساعدتهم على تغيير أنماط التفكير السلبية المختلفة والسعي إلى تحويلها إلى إيجابيات لإعادة الشعور بالحياة.
عادةً ما يعتمد الطبيب المعالج على ثلاثة أنواع من العلاج هي: العلاج السلوكي المعرفي الذي يركز على تغيير الأنماط السلوكية السلبية التي يتعمد المريض القيام بها. والعلاج النفسي الديناميكي الذي يركز على تعريف وفهم الأسباب العميقة التي تنتهي بالإنسان إلى الخدر العاطفي ومن ثم البدء في تعلم الأساليب المناسبة لإعادة التواصل وبناء العلاقات القديمة من جديد. والعلاج النفسي المعنوي الذي يعتمد على جلسات اليوغا والتأمل التي تكمن أهميتها في الاسترخاء والتخلص من التوتر.
ممارسة التمارين الرياضية باستمرار
تلك الطريقة التي أثبتت فاعليتها في العلاج بسرعة، لكونها توفر العديد من الفوائد التي من أهمها: تحسين الحالة المزاجية بوجه عام من خلال تحفيز الجسم لإفراز هرمونات السعادة مثل: الإندورفين، وتقليل القلق والتوتر، الحد من سرعة الانفعال، تحسين شكل وصحة الجسم. زيادة معدلات الثقة بالنفس، التخلص من التعب والإجهاد، تحسين الساعة البيولوجية للجسم. والقدرة على التحكم في العواطف التي يشعر بها المريض.
طلب المساعدة والدعم من الأقارب والأصدقاء
يمكن للأقارب والأصدقاء مساعدتك في التخلص من الخدر العاطفي من خلال الاستماع إليك بصدق وتشجيعك على التعبير عن المشاعر المختلفة التي تراودك بصورة دائمة مثل: القلق، الخوف، التوتر، الاكتئاب بالإضافة إلى تلك الأحداث التي تتعرض إليها من فترة لأخرى. أيضًا يمكنك مشاركتهم في الأنشطة الاجتماعية المختلفة مثل: الترفيهية، الثقافية، وكذلك الرياضية.
الحرص على تناول الأطعمة والمغذيات الطبيعية
تلعب التغذية العلاجية دورًا هامًا في التخلص من الاضطرابات النفسية مثل: الخدر العاطفي. ولهذا السبب يمكنك تناول الأوميغا 3 الدهنية التي توجد في الأسماك البحرية. والمكملات الغذائية الموجودة في الصيدليات.
الفيتامينات والمعادن أيضًا يمكن أن تساعدك على التركيز في المهام والأنشطة المختلفة مثل: فيتامين B، فيتامين C، فيتامين D، الزنك، الحديد وغيرها.
كذلك سوف تساعدك الأعشاب الطبيعية على تحسين حالتك النفسية والصحية العامة. كما أنها يمكن أن تحل محل تلك المهدئات، والمشروبات التي تحتوي على الكافيين كالقهوة والشاي لكونها تؤثر على القلب والتنفس في كثير من الأحيان.
وفي الختام، يمكننا التأكيد على أن إصابتك بالخدر العاطفي لا تعني ضعفك وعدم قدرتك على مواجهة المصاعب والتحديات، بل يمكننا اعتباره جزء طبيعي من الحياة البشرية، ومع الصبر والتفاؤل بالخير سوف تعود أفضل مما كنت.