ما هو التلاعب العاطفي وكيف يستخدمه البعض ضدنا؟
التلاعب العاطفي من أبشع أنواع التلاعب التي يمكن أن يقوم بها الإنسان. حيث إنه يعود بضررٍ كبيرٍ ومؤذٍ على الآخرين. ومن الممكن ألّا يتوقف هذا الأذى على الناحية النفسية فقط. بل يمتد ليصل إلى الأذى الجسدي. ومن خلال مقالنا اليوم سنتعرّف معًا أكثر عن هذا الموضوع ونعرف مدى أضراره وتأثيره على الآخرين.
ما هو التلاعب العاطفي
يوجد هناك تعريفات عدّة لهذا المصطلح، لكن أقرب التعريفات إليه على أرض الواقع هو أنه عبارة عن تأثير متعمد ومستخدم من قبل أحد الأطراف. وذلك لأجل تعزيز متانة خيوط السيطرة واللعب بالآخرين بحسب ما يرى الشخص مفتعل التلاعب مناسبًا. مما يعود هذا الأمر عليه بفوائد كبيرة وامتيازات عظيمة وكلها تكون على حساب الآخرين. فضلًا عن ذلك هنالك وسائل كثيرة يتم استغلالها لتدمير الآخرين وتحقيق مصلحة معينة.
أهم الوسائل المتبعة في التلاعب العاطفي
تختلف أساليب التلاعب العاطفي باختلاف الشخصيات ومدى درجة القرب ومعرفة المستغل والمتلاعب عاطفيًا بالآخر. حيث إنهم يدركون تمامًا ما هي نقاط الضعف التي يمكن من خلالها أن يبتذوا الآخرين بها وينفذون ما يريدون على أرض الواقع دون عناءٍ منهم. لذلك يجب علينا أن نكون محصنين تجاه أي شخص ولا نضع بين أيديه أي تفصيل شخصي أو عام من الممكن أن ينقلب ضدنا لاحقًا. ومن أهم وأبرز تلك الأساليب والوسائل اخترنا لكم ما يأتي:
التنمر العاطفي أو الاجتماعي
يتبع المتلاعب عاطفيًا أسلوبًا مزعجًا جدًا ألا وهو النقد الدائم والمستمر دون أي تفكير أو تقدير مشاعر الآخر أمامه. كما أنه يتحدث بصوتٍ عالٍ ومرتفع يرفقه نوع من التهديد المباشر أو غير المباشر. ومن الممكن أن يصل الأمر إلى نشر شائعات خاطئة لأجل إبعاده عن الوسط والتسبب بعزلته عن النطاق الاجتماعي ويشوّه سمعته ليرتقي هو بمكانته.
التضليل والتشويه
إذ أنّ المتلاعب عاطفيًا يتبع أسلوبًا حقيرًا يقوم على تشويه الحقائق المتعلقة بالشخص المراد استغلاله. ومضاعفة ذلك بأسلوب الكذب والتظاهر بعدم إدراكه لما يحدث من مصائب هو محدثها مع الآخر مما يجعل الفرد يغرس في أعماقه الشك بذاته ويدخل في دوامة لا نهاية لها من الأسئلة المتعلقة بحقوقه وقدراته.
الاستمتاع بدور الضحية
هذه من أهم الوسائل المباشرة التي يلعبها المتلاعب عاطفيًا. فعندما يتقمص دور الضحية ينعكس الشعور تلقائيًا على الطرف الآخر وتصبح روحه تصادق شعور الذنب. مما يجعله ملزمًا تجاه هذا الشخص ويتعاطف معه باستمرار وينفذ طلباته.
الانسحاب
بمعنى آخر “المعاملة الصامتة”، حيث يعتمد المتلاعب عاطفيًا من خلالها على معاقبة من حوله دون أي سبب يذكر بالتجاهل المرافق للصمت. مما يشكّل وجود عدم اتزان للعلاقة العاطفية وهذا يؤدي لتنازل الطرف الآخر عن أي شيء يخصه ليعيده إلى صفه.
عبارات شائعة للتلاعب العاطفي
ومن أبرز العبارات التي يستخدمونها المتلاعبون عاطفيًا للتلاعب بنا وفرض سيطرتهم على أرواحنا سنقدّم إليكم الآتي:
- لم أقل أي شيء مباشر بخصوص هذا الأمر، أنت تتوهم وتبني فرضيات من عندك.
- لا يجب عليك أن تشعر بهذا الشعور، أنت تبالغ في مشاعرك وحقيقةً هي ليست حقيقية أو منطقية.
- أنت شخص درامي بكثافة مزعجة وتضخّم الأمور وتعطيها أكبر من حجمها الطبيعي.
- اللوم لا يقع على عاتقي أبدًا، أنت من جعلتني أُقدم على هذا الأمر.
- أخبرتك أنني أعتذر منك على الرغم من أنّ مسؤولية ما حدث يقع على عاتقك، ماذا تريدني أن أفعل أيضًا؟
- إنك مفرط بالحساسية ولهذا أمورنا دائمًا تصل لنقطة شائكة ومعقدة.
- إن كنتَ تحبني حقًا، افعل هذا الأمر.
- لو أنك تكنُّ لي ذرة مشاعر حقيقية لكنتَ فعلت ما طلبته منك.
- إن غادرتني ستزيد بداخلي حرجًا عميقًا.
- أنا أحب هذا الشيء، إن كنتَ تحبني ستفعله لأجلي.
- حاول أن تغيّر نفسك لأجلي، ستصبح أفضل.
- إنّ حزنك يضاعف حزني لذلك يجب عليك أن تكون بقربي أكثر.
اقرأ أيضاً: البرود العاطفي .. علامته وكيف تنقذ العلاقة منه؟
تأثير التلاعب العاطفي على المتلاعب بهم
في حقيقة الأمر إنّ التلاعب العاطفي له تأثير كبير على الأشخاص المتلاعب بهم. وهذا التأثير يحمل أكثر من بعد نفسي، فبعضه يظهر على المدى القصير والآخر يظهر على المدى الطويل. ولهذا سنشرح لكم أكثر عن كل منهما على النحو التالي:
تأثير التلاعب العاطفي على المدى القريب
أثبتت الدراسات النفسية أنّ التلاعب العاطفي يؤثر على الشخص المتلاعب به بحيث يصبح شخصًا خجولًا بطريقةٍ مفرطة تدفعه للارتباك الدائم بسبب أو دونه. كما أنه يصبح غير مستعد أبدًا لأي تقلبات فجائية سواء على الصعيد الشخصي مع المستغل أو مع المحيط حوله. ويبقى بحالة استجواب دائمة ومستمرة بحيث يلوم نفسه كثيرًا ويستحضر ذكريات لا صحة لها على أرض الواقع لأنّ زاوية رؤيته لها اختلفت، مما يجعله يعيش بقلق وتوتر على مدار اليوم. يرافقه ذلك الشعور مشاعر الذنب والعار وجلد الذات، وأيضًا هنالك احتمال كبير أن يصل لمرحلة تجنب التواصل البصري مع الشخص المستغل. ويبقى عالقًا في دوامة التفكير المفرط في كل الموجودات والأحداث والحكايات حوله. ومع كل هذا، يبقى يحاول ألا يزعج حتى أو يُغضب المستغل لأنه يخاف على أذية مشاعره.
تأثير التلاعب العاطفي على المدى البعيد
لقد أكدّ علماء النفس في حال بقي المُتلاعب عاطفيًا على تواصل مباشر وبذات العمق مع المستغل فمن الممكن أن يتجاوز التأثير القريب ويتطور الأمر إلى الانطواء والعزلة عن العالم كله. وحتى عن ذاته، بمعنى آخر يصبح غير قادرًا على ممارسة نشاطه اليومي الطبيعي، ولهذا طوّروا تسمية هذه الحالة عوضًا عن “التلاعب العاطفي”. إلى “التخدير العاطفي”، كما أنه من الممكن أن يصبح إنسانًا فاقدًا للشغف والشعور بالآخرين أو حتّى السؤال عنهم، وأيضًا يقوم بالتركيز على المظهر الخارجي بطريقةٍ مبالغ فيها، وحتى ولو تخلص من الشخص المستغل إلّا أنه يبقى ينتظر الجميع أن يوافقوا له على أي أمر يخص حياته مهما كان بسيطًا. فضلًا عن ذلك يطلق العنان لليقظة المفرطة لأجل ألا يتلاعب أحد معه في المستقبل. ولكن محاولاته تكون غالبًا فاشلة لأنها غير مصاحبة للوعي.
نصائح للتعامل مع وسائل التلاعب العاطفي
بعدما تعرفنا على مفهوم التلاعب العاطفي والتفاصيل المتعلقة به. سنقدّم إليكم بعض النصائح لأجل التعامل مع الشخص المتلاعب، وهي على النحو التالي:
- عليكم بتجاهل كل الكلمات والأوامر التي يصدرها هذا الشخص.
- عاملوه بالمثل واستخدموا ذات الأساليب ضده. في بداية الأمر سيكون صعبًا لكن استمروا بالمحاولة وكونوا طبيعيين في تعاملكم الجديد. المهم أن تقلبوا الطاولة عليه.
- كونوا على ثقةٍ تامة وإيمانٍ مطلق بأن حدسكم وإحساسكم تجاه الأحداث والأمور هو إحساسٌ صحيح وسليم وصادق ولا تجعلوا المستغل يقوم بتغبيش الحقيقة.
- إياكم أن تصدقوا أي نوع من المقارنات التي يقولها ويضعكم بها، فكلها لأجل إرضاء غروره فقط وتحطيمكم، لذلك يجب عليكم أن تثقوا بأنفسكم أكثر.
- أنتم لستم مذنبين أو ضعفاء أبدًا. آمنوا بهذا قبل أي شيء آخر.
- استقلوا بحياتكم حتى وإن كان ما يربطكم به علاقة رسمية إلا أنه يجب عليكم أن تستقلوا بقراراتكم ولا تنتظروا الأذن منه أو من أي أحد.
- كونوا منشغلين بتحقيق أهدافكم وطموحاتكم وابتعدوا عنه بملء وقتكم بما ترونه مفيدًا لكم.
وفي ختام المقال، إنَّ موضوع التلاعب العاطفي شائكٌ جدًا. ولكن في ذات الوقت، إنّ إيجاد شخص من هذا النمط سهل جدًا. لذلك يجب عليكم ألا تجعلوا أي أحد أعلى منكم، كونوا أحرارًا بذاتكم وابتعدوا عن أي كائن يكبّل حرية أرواحكم مهما بلغت درجة عمق العلاقة معه.