الطلاق العاطفي .. كيف يحصل؟ وكيف ينتهي؟

هناك الكثير من الأشخاص الذين لا يعرفون كيف يميزون بين الطلاق العاطفي والطلاق النهائي. فالأول يكون بداية وتمهيد للثاني إن لم تتم معالجة الأمور بين الزوجين. لأنّ الطلاق العاطفي صعبٌ جدًا ولا يمكن الوصول إليه. إلّا بعد الكثير من المشكلات النفسية والاضطرابات المتواجدة داخل العلاقة. وهذا الاختلاف بين المصطلحين سنستعرضه لكم بمقالنا الشامل عن هذا الموضوع. فتابعوا معنا. 

ما هو الطلاق العاطفي 

هو عبارة عن حالة من الانفصال تشمل نواحي عدّة مثل الناحية الجسدية والنفسية والعقلانية. وحتّى الروحية المتواجدة بين الزوجين ولو كانا يعيشان في منزلٍ واحد ويقومان بممارسة الواجبات المترتبة عليهما من مسؤوليات منزلية كثيرة. إلّا أنهما باردان عاطفيًا تجاه بعضهما البعض، وفي حقيقة الأمر.

إنّ هذا النوع من الطلاق ينقصه فقط التوثيق والتدوين على أوراقٍ رسمية. أو يمكن أن يُقال إنه زواجٌ منتهي الصلاحية، حيث تكون العلاقة الزوجية قد ماتت فعلًا أو على حافة قبرها وتنتظر شهادة الوفاة. وقد صنفه علماء النفس أنه حالة مضطربة ومجهولة المصير بحيث تكون العلاقة الزوجية بحالة من حيرة تحديد الموقف ما إن كان هنالك سلمًا أو حربًا بين الطرفين. فضلًا عن ذلك تكون المشاعر فيها قد انطفأت. كالحب الملتهب والمودة والرحمة والرومانسية. ويكون الزوجان قد فقدا لغات التواصل بينهما والإحساس بالآخر لدرجة أنه لم يعد لأي شعور عميق أي وجود ولم يعد هنالك أي وعي وجداني على الرغم من الوجود الحسي أمام بعضهما. 

مراحل الطلاق العاطفي

مراحل الطلاق العاطفي 

يعبر الطلاق العاطفي بمراحل عدّة ومختلفة. حيث إنه لا يظهر فجأة من العدم. بل هنالك أمور كثيرة وعواطف كبيرة يمر بها حتى تنتهي طاقة أحد الطرفين أو كليهما. ولهذا صنفنا لكم هذه المراحل بالترتيب وسنقدّمها إليكم على النحو التالي: 

مرحلة الخلافات  

هذه أول مرحلة للطلاق العاطفي. ومن الجدير بالذكر أنه من الطبيعي جدًا أن يكون هنالك خلافات في الحياة الزوجية. لكن مع تكرارها واستمرارها بين الطرفين ستتفاقم الأمور وخاصةً إن كانت المشاجرات تحدث لأجل أدق التفاصيل الصغيرة والتافهة حول حياتهما أو طريقة علاقاتهما أو ماهية تربية الأولاد أو أي شيء آخر ينعدم فيه الحوار الهادئ أو بدلًا من ذلك يتحوّل إلى صراعٍ عنيف وقنبلةٍ موقوتة على وشك الانفجار بأي ثانية.

وفي هذه المرحلة تحديدًا يفشل الزوجان في إيجاد أي نوع من المساحة المشتركة بينهما لأجل التفاهم أو الوصول إلى حل مشترك يعيد مجرى العلاقة إلى طبيعتها. وحقيقةً هذه المرحلة صاخبة جدًا وتشهد الكثير من النزاعات والمشاجرات ويمكن أن يتحوّل الأمر لاستخدام العنف الجسدي أو اللفظي أو حتى النفسي.

مرحلة الألم  

ضمن هذه المرحلة يكون التواصل والاحتكاك سواء كان بطريقةٍ مباشرة أم غير مباشرة. مؤلمًا، ومن الممكن أن تكون الكلمات الخارجة من الطرف الآخر جارحة حتى ولو لم يكن متعمدًا بذلك. إلا أنّ هذه الكلمات تصل مملوءة بالنقد والاستهزاء وفي بعض الأحيان الكره. مما يجعلها بؤرة من المحاولات الكثيرة والمتراكمة لإيذاء متبادل من كلا الطرفين. 

مرحلة المرارة  

هي من أكثر المراحل إيلامًا بحيث يتراكم فيها الألم وتكثر الجراح. فضلًا عن ذلك يتراكم فيها الكثير من الخيبات السلبية والذكريات المؤلمة والتي تكاد تخنق أحد الزوجين أو كليهما معًا. وفي ذلك وصفت إحدى الزوجات هذه الحالة بعبارةٍ قاسية تقول فيها “كنت أشعر بالخوف والقلق عندما يضع زوجي المفتاح في الباب عائدًا من عمله وحين أراه أشعر بصداع واختناق وكأنه سرق الهواء كله من الشقة”. وحقيقة إنّ الأمر يكون لا إراديًا وليس مصطنعًا أو مبالغًا فيه.

 مرحلة الرغبة في الانتقام

 في حقيقة الأمر تعتمد هذه المرحلة على مستوى الوعي الموجود عند الطرفين أو أحدهما. حيث يمكن تجاوزها، لكن في حال المرور بها فيكون الطرف المظلوم هو المقبل على الانتقام وتصبح لديه رغبة عارمة لأجل أن ينفذ خطته بأذية الطرف الآخر والانتقام منه. كما أنّ مشاعر الغضب والكره والعدوانية تكون مسيطرة عليه وينتظر الوقت المناسب والفرصة لأجل تحقيق مراده. ومن الممكن أن يرافق ذلك الكثير من الأمنيات والدعوات السلبية لأجل أن يصاب الطرف الآخر بأذى أو مرض خطير يهلكه ويجعله يختفي من الوجود.

 مرحلة الإحباط واليأس

 تعتبر من أبشع مراحل هذه السلسلة. حيث يكون من الصعب جدًا حدوث أي نوع من المبادرة لأجل إصلاح الأمور والبرود الموجود بين الطرفين. فلا تلمع في الأفق أي إشارة أمل لاصلاح الأحوال وإعادة ما تمّ تحطيمه إلى ما كان عليه. حيث تسيطر الكآبة والشعور بالفشل على الطرفين ويرضخان لما يحدث بينهما دون أي نوع من المقاومة والعراك، وحقيقةً هذا الأمر لا ينعكس فقط على علاقتهما. بل على جميع أصعدة حياة كل واحد منهما. مما يجعل احتمالية أن يخسروا الكثير من الأمور التي تخصهما. 

مرحلة البرود العاطفي  

في هذه المرحلة يصبح الطرف المظلوم أو المتضرر يشعر بكمية كبيرة من الثقل على لسانه وقلبه وروحه. بحيث أنه لم يعد ولا بأي طريقة من الطرق يعبّر عن شكواه أو يتذمر أو يبدي أي ردة فعل سواء أكانت سلبية أم إيجابية، وبالتالي يفقد القدرة تمامًا على فعل أي شيء مهما كان بسيطًا. ولو توقف الأمر على قول “مرحبًا” للآخر. حيث إنه يحتاج فقط للراحة في مكان هادئ بعيدًا كلَّ البعد عن كل علاقاته البشرية حتى وإن كانت سطحية. جلُّ ما يريده هو العيش ولو ليومٍ واحد بحالةٍ من السكون والصمت. 

مرحلة الاحتراق أو الطلاق العاطفي 

تكون العلاقة قد وصلت إلى ذروتها، بحيث تحترق فيها كل المشاعر السلبية والإيجابية بين الطرفين ولم يعد هنالك أي اعتبار اجتماعي يجمعهما، إن لم يكن ذلك أمام الناس. على الأقل بين بعضهما. مما يجعلهما يفقدان الإحساس بوجود الآخر نهائيًا. بل في الكثير من الأحيان يصل الأمر ليكون الآخر مجرد خيال ووهم غير مرئي وإن تمت رؤيته فيكون بدافع الإنسانية لا أكثر. ويُخلق من كل هذا. جثة هامدة تسمى “الطلاق العاطفي”. 

اقرأ أيضاً: البرود العاطفي .. علامته وكيف تنقذ العلاقة منه؟

الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق العاطفي

الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق العاطفي 

يوجد هناك جانبان أساسيان لحدوث الطلاق العاطفي. وهذان الجانب يشكّلان هذا الحدث. ولهذا سنقوم بفصلهما عن بعضهما البعض ونقدمهما إليكم على النحو التالي: 

الجانب التعبيري 

هذا الجانب يشمل فتور الحب بين الطرفين، وسوء التوافق الجنسي إلى درجة انعدامه مع مرور الوقت وعدم تخطي هذه الأزمة العاطفية. كما أنه يحدث خللًا في الجانب النفسي بينهما. بحيث يصبحان غير قادرين على فهم حتى الابتسامة الصادرة للآخر. هذا في حال ظهرت وكانت حقيقية. 

الجانب الذرائعي  

يشمل هذا الجانب أسباب تكون العوامل المباشرة للجانب السابق. فعندما يحدث أي خلل في المجال المهني يلحقه فورًا المجال الاقتصادي. مما يجعل العوامل النفسية تبدأ فورًا بالظهور. وخاصة إن لم يكن الشريك قابل للتأقلم على هذا النوع من التقلبات في الحياة عمومًا. 

وفي ختام المقال، إنّ حدوث الطلاق العاطفي شائعٌ جدًا بين الأزواج وخاصةً في الثنائي الذي لا يمتلك قدرًا كافيًا من الوعي. أو لا يجمعه مشاعر قوية وحقيقية. لذلك يجب علينا أن ندرك تمامًا أنّ بداية البرود العاطفي لا يعني أبدًا أن نهاية العلاقة قد اقتربت. بل يمكن تدارك الأمور وعودة العلاقة إلى مجراها الطبيعي.

📩
انضم لأكثر من 3000 شخص في نشرتنا البريدية ليصلك أحلى ما عندنا

لن تصلك رسائل عشوائية. يمكن إلغاء الاشتراك في أي وقت

تابعنا على: Twitter - Facebook

قد يعجبك ايضا