الجفاف العاطفي .. كل ما تحتاج معرفته “والأهم علاجة”
الجفاف العاطفي يمكن تعريفه بأنه الشعور بالحاجة إلى الحب والعطف. بالإضافة إلى الشعور بالوحدة ولا يقتصر هذا على العلاقات العاطفية. بل أنه قد يكون في أي علاقة إنسانية قد تكون بين الصديق وصديقه أو بين الأب وابنه وفي كثير من الأحيان يكون بين شخصين بينهما علاقة عاطفية. لذلك سوف نعرف أكثر عن الجفاف العاطفي في هذا المقال.
الجفاف العاطفي في علم النفس
الجفاف العاطفي في علم النفس هو أقرب ما يكون لمفهوم الوحدة وذلك لأن الفرد لا يجد من يعطيه مشاعر العطف والحنان والاطمئنان. هذه المشاعر التي تمنحه شعور بأهميته وقيمته الذاتية كما أنها قد ترفع من معنوياته وتزيل عنه بعض مشاعر الحزن التي تنتابه نتيجة هذا الجفاف. وذلك لأن العاطفة هي غذاء الروح.
كما أكد علماء النفس أن الجفاف العاطفي يحدث لدى الفرد حين لا يجد من المحيطين به أحداً يخبره بأسراره وما يجول في صدره حيث يجد نفسه وحيداً. رغم تواجد الكثيرين حوله إلا أنه بينه وبين نفسه هو شخص وحده له مشاعره وأفكاره التي لا يسأله أحد عنها ولا يهتم فيها. كما أنه قد يؤدي في أغلب الأحيان إلى فقدان الثقة بالنفس.
الجفاف العاطفي بشكل عام
بشكل عام حالة من الاغتراب العاطفي حيث يجد الإنسان نفسه منعزل تماماً عما حوله. وهذا ما يجعل منه شخص سلبي غير قادر على إنجاز أي شيء بسبب نظرته التشاؤمية للأشياء من حوله وانعدام دوافعه نظراً لعدم وجود من يشجعه أو يسأله عن مشاعره. لذلك فهو يظن أو يقتنع تماماً أنه شخص زائد غير نافع لأي شيء ليس لديه رغبة لأي عمل بالإضافة إلى الشعور الدائم بالإحباط. لذلك فهو أمر له تأثير خطير على الذات أولاً وعلى العلاقات ثانياً لأنه يجعل الشخص غير قادر على فهم ذاته ولا كيف يتعامل معها ومن الأعراض التي تحدث بسبب الجفاف العاطفي لدى الإنسان بشكل عام نذكر:
- يظن أن أي شخص يقول له كلمة لطيفة يحبه.
- الرغبة الدائمة في الانعزال بسبب شعور الوحدة.
- الشعور المستمر بالاكتئاب وفقدان الشغف.
- التزام الصمت عند الجلوس مع جماعة.
- التلعثم عند التحدث مع أحد ما.
أسباب الجفاف العاطفي
تتنوع الأسباب المؤدية إلى الجفاف العاطفي بتنوع أشكاله. حيث إن الأسباب المؤدية له عند المراهق تختلف عن تلك المؤدية له عند أحد طرفي علاقة عاطفية مثلا. كما تختلف عنها لدى الطفل لذلك سوف نقوم بتصنيفها لسهولة معرفتها إلى ما يلي:
أسباب الجفاف عند الأبناء
- إن الأسلوب الذي تتبعه الأسرة في تربية أبنائها له دور كبير في حدوث مشكلات متعددة لدى الأبناء. ومن أبرز هذه المشكلات هي الجفاف العاطفي. حيث يجد الطفل نفسه وسط جو مليء بالقسوة ويحاول كل طرف فرض سيطرته على أفراد الأسرة وتكون المعاملة مبنية على أساس الأمر والنهي فيصبح إنسان وحيد لا يجد من يتحدث له أو يهتم لأمره.
- أما السبب الأسري الثاني فيعود إلى التفرقة بين الأبناء أو تفضيل أحدهما على الآخر مما يؤدي إلى دمار نفسية الابن المفضل عليه. وبالتالي حدوث مشكلات كثيرة لديه أولها والذي سيؤدي به إلى مشكلات عديدة فيما بعد حيث يجد نفسه شخص منبوذ في أسرته.
- السبب الثالث هو المشاكل القائمة بين الأبوين والتي تؤدي إلى جو عائلي يسوده التوتر والقلق وعدم الشعور بالأمان وهذا كله يؤدي إلى تدمير الأبناء عاطفياً ونفسياً بالإضافة إلى البغض والكراهية.
- انشغال الوالدين وابتعادهم عن حياة أبنائهم وعدم الاستماع لهم أو الاهتمام لمشكلاتهم.
اقرأ أيضاً: البرود العاطفي .. علامته وكيف تنقذ العلاقة منه؟
الجفاف العاطفي عند طرفي العلاقة العاطفية
قد تكون هذه العلاقة ارتباط أو زواج وقد يسودها الجفاف العاطفي. الذي يكون هنا على شكل ملل وروتين وجمود يسيطر على العلاقة بحيث ينعدم التواصل الروحي بينهما. ويصبح أحدهما خال من المشاعر تجاه الآخر مما يؤدي إلى كثرة المشكلات والخلافات ويشعر كل منهما بالوحدة بالرغم من تواجد الآخر حوله إلا أنه ليس هنالك تفاهم عاطفي بينهما. ومن أبرز الأسباب المؤدية لهذا النوع من الجفاف العاطفي نذكر:
- انعدام النقاش المفيد بين الطرفين بحيث يتحدث كل منهما عن الأشياء التي تزعجه بالطرف الآخر والأشياء التي ترضيه بحيث يتم الحد من تفاقم الخلافات.
- انشغال أحدهما عن الآخر بسبب عمله أو حياته الشخصية.
- تدخل أشخاص آخرون في النزاعات القائمة بينهما مما يؤدي إلى تفاقم هذه النزاعات وكثرتها.
أعراض الجفاف العاطفي
بعد ما تعرفنا على أسبابه يجدر بنا أن نعرف ما هي الأعراض التي تدل على وجود جفاف عاطفي لدى الفرد وذلك مهم كي يعرف الشخص هل هو يعاني حقاً منه في حياته أم لا ولمعرفة هذه الأعراض سوف نقوم بتصنيفها إلى:
أعراضه بين الأهل والأبناء
- يفقد الطفل أو المراهق ثقته بوالديه ويصبح بعيد كل البعد عنهم ونقصد هنا البعد العاطفي وانعدام التواصل تقريباً.
- يصبح الابن أو الابنة انطوائي ويفقد الثقة بنفسه شيئا فشيئاً.
- الغضب من أي موقف والهروب من التحدث عن الأسباب.
- ضعف تحصيلهم الدراسي وتراجعهم.
- الجلوس بشكل منفرد والصمت المطول والاكتئاب الدائم.
أعراض الجفاف العاطفي بين طرفي علاقة عاطفية
- نفور أحدهما من الآخر ومحاولة الابتعاد عنه والتهرب من التواصل معه.
- سيطرة الروتين المؤدي إلى الملل.
- عدم التعبير عن المشاعر.
- الصمت المطول عند الجلوس سوياً وعدم مبادرة أحدهما في الحديث مع الآخر.
- التعصب من أي موقف يحدث من الطرف الآخر أو أي كلمة تصدر منه.
علاج الجفاف العاطفي
إن هذه المشكلة ليست معضلة مستحيلة الحل. وذلك لأن الكثير من خبراء علم النفس أكدوا أن هنالك العديد من الأمور التي يمكن اتباعها للمساعدة في حل هذه المشكلة وسوف نتناولها كما يلي:
علاج الجفاف العاطفي عند الأبناء
هذه المهمة موكلة بشكل كامل إلى الوالدين ويمكن إيجازها بما يلي:
- الاقتراب من الأبناء والتعبير عن حبهم بشكل مستمر مما يؤدي لرفع معنوياتهم وشعورهم بالثقة بأنفسهم.
- إعطاؤهم الثقة والمجال للتحدث عن كل ما يجول في خاطرهم وعن مشكلاتهم.
- مراقبة الأبناء دون إشعارهم بذلك وبنفس الوقت بدون الضغط عليهم. إنما مراقبتهم من بعيد بقصد فهم سلوكياتهم.
- توجيههم للصواب دون توبيخهم أو عقابهم بشكل قاسي.
علاج الجفاف العاطفي في العلاقة العاطفية بين شخصين
وفي هذا السياق تقع مسؤولية علاج هذه المشكلة على عاتق الطرفين وذلك من خلال:
- تخصيص أوقات للجلوس والنقاش في الخلافات والمشكلات والتوصل إلى حل جذري ونهائي لها.
- الخروج في نزهات بين فترة وأخرى للترفيه عن النفس والبعد عن ضغوطات العمل والضغوطات الحياتية.
- حل أي خلاف يحدث بشكل فوري وعدم جعل الخلافات تتراكم مما يؤدي إلى حدوث فجوة وبالتالي الجفاف.
ومن الجدير بالذكر أن الجفاف العاطفي هو مشكلة اجتماعية ومشكلة نفسية أيضاً وقد تصيب الانسان بغض النظر عن عمره سواء كان طفل، أو مراهق، أو شاب، أو فتاة. كما أنها قد تصيب البالغين أيضاً وذلك بحسب الظروف المحيطة بكل شخص والتي تؤدي لهذا النوع من المشاكل النفسية.