أهم تمارين اليقظة الذهنية .. تعلم عيش اللحظة بحضور ذهني كامل
في عالمنا المعاصر السريع والمليء بالتحديات. قد يكون الوقت والانتباه من الموارد الثمينة التي نجد صعوبة في إدارتها، وهنا تأتي تمارين اليقظة الذهنية لمساعدتنا في تعزيز الاسترخاء، وزيادة التركيز. وتنمية الوعي الحاضر، إذ تعتبر هذه التمارين عبارة عن ممارسات يمكن تطبيقها في حياتنا اليومية؛ لتحقيق الوعي الحاضر والانتباه للحظة الحالية. كما تساعدنا هذه التمارين على التحرر من ضغوط الحياة والتوتر، وتشعرنا بالسلام الداخلي والوضوح العقلي.
ماذا نعني بتمارين اليقظة الذهنية؟
هي الحالة التي يكون فيها الفرد متواجداً بشكل كامل في اللحظة الحالية. ومدركاً لما يحدث حوله من أحداث وتجارب؛ إذ أنّها حالة من الحضور الذهني؛ حيث ينصبّ التركيز على اللحظة الحالية دون تعلق بالتفكير في الماضي. أو القلق بشأن المستقبل، كما تعتبر تمارين اليقظة الذهنية أيضاً نوعاً من التأمل الواعي والحاضرية النشطة في الحياة اليومية.
كما تنطوي على إدراك شامل لتفاصيل الحاضر، بما في ذلك الأفكار والمشاعر والحواس والبيئة المحيطة. إنها حالة تفاعلية تسمح للشخص بالملاحظة. والتقبل الواعي لكل ما يحدث في اللحظة الحالية. بدون التشتت أو التحكم الكامل من الفكرة أو المشاعر. كما يمكن أن تكون اليقظة الذهنية حالة من الداخل منزعجة أو هادئة. وتشعر الأفراد بالوعي والاسترخاء في الحاضر.
إنّ ممارسة التمارين يمكن أن تساعد في تحسين التركيز والانتباه والتفاعل مع الآخرين بشكل أعمق. كما أنها تقدم فرصة للاسترخاء العقلي وتحقيق التوازن العاطفي في حياة الفرد. ويعتبر التأمل وتقنيات التنفس العميق والممارسات الحسية بعض الوسائل المستخدمة لتعزيز اليقظة الذهنية.
كيفية ممارسة تمارين اليقظة الذهنية
تعتبر تمارين اليقظة الذهنية مهارة يمكن تعلمها وتطويرها عن طريق الممارسة اليومية. وفيما يلي بعض الطرق التي يمكنك ممارسة تمارين اليقظة الذهنية من خلالها:
التأمل
التأمل واحد من أهم الأساليب المستخدمة في ممارستها. حيث يمكنك الجلوس في مكان هادئ، وتركيز انتباهك على التنفس، أو تكرار كلمة مهمة مثل “هدوء” أو “مركز”. واسمح للأفكار والمشاعر أن تمرّ دون أن تتعلق بها أو تعطيها أهمية. ببساطة اتركها تمضي، وعوِّد انتباهك على تقبّل الحاضر. يمكنك التعرف على مزيد من فوائد التأمل على صحتك النفسية والذهنية من مقالنا السابق.
ركز على التفاصيل الصغيرة
حاول أن تكون متواجداً بالكامل في اللحظة الحالية أثناء القيام بالأنشطة اليومية البسيطة. واعتمد على حواسك وابحث عن التفاصيل الصغيرة في المحيط بك، مثل: لمس الماء الدافئ أثناء غسل اليدين، أو تذوق طعم الطعام أثناء الأكل. فقد يكون الانتباه إلى التفاصيل الحسية البسيطة مبعثاً للسعادة والامتنان للحظات الصغيرة.
تمرينات الانتباه
يمكنك ممارسة تمارين الانتباه أثناء القيام بأنشطة يومية، مثل: المشي أو تناول الطعام، وجِّه انتباهك إلى الحركة التي تقوم بها. أو الأصوات المحيطة، والمشاعر التي تشعر بها. وقم بتركيز انتباهك على اللحظات الحالية. ولا تنجرف بأفكارك إلى الماضي أو المستقبل.
التدرب على التنفس العميق
يمكن استخدام تقنيات التنفس العميق؛ للتعزيز من تمارين اليقظة الذهنية. جرب تكرار نمط التنفس العميق والبطيء، والتركيز على الشعور بالهواء يدخل ويخرج من جسدك. هذا النوع من التنفس يساعد على تهدئة العقل، وزيادة الوعي بالحاضر.
الاستراحة والاسترخاء
من الضروري أن تمنح نفسك بعض الوقت للراحة والاسترخاء في حياتك اليومية، فقد تكون التقنيات، مثل: اليوغا، أو التأمل، أو الاسترخاء العضلي التدريجي أدوات مفيدة لتهدئة العقل وتجديد طاقتك.
لا تنسَ أن ممارسة تمارين اليقظة الذهنية تتطلب الصبر والممارسة المنتظمة. وقد يكون من المفيد الانضمام إلى دورات، أو أنشطة للتأمل، أو اليقظة الذهنية للمساعدة في تعزيز ممارستك، والتواصل مع الآخرين الذين يمارسون أيضاً تمارين اليقظة الذهنية.
اقرأ أيضاً: فوائد الاسترخاء العميق .. ستجعلك تدمنه
فوائد تمارين اليقظة الذهنية
تمارين اليقظة الذهنية أو الوعي الذهني هي الحالة التي يكون فيها العقل مركزاً ومتواجداً بالكامل في اللحظة الحالية، ومن دون تشتت، أو تشتيت الانتباه، كما أنها لها العديد من الفوائد التي تؤثر بشكل إيجابي على حياتنا اليومية، وصحتنا العقلية والعاطفية، وفيما يلي بعض الفوائد المهمة لليقظة الذهنية:
تقليل التوتر والقلق
عندما نكون أكثر وعياً للحاضر، يمكننا التحكم في التفكير ، والتركيز على اللحظة الحالية بدلاً من التفكير في أحداث الماضي أو المستقبل، وهذا يساعد في تقليل مستويات التوتر والقلق.
تعزيز الانتباه والتركيز
تساعد التمارين على تحسين القدرة على التركيز والانتباه، فعندما نكون متواجدين بشكل كامل في اللحظة الحالية، يمكننا إدراك التفاصيل الصغيرة، وتحسين فهمنا وأداءنا في الأنشطة المختلفة.
تعزيز قوة الاستجابة واتخاذ القرارات
عندما نكون مركزين في اللحظة الحالية، يسهل علينا تقديم استجابة أفضل للمواقف، واتخاذ القرارات المناسبة بناءً على معرفتنا الحالية، ووعينا بالواقع.
تحسين الإبداع والتفكير الإيجابي
يُعتقد أنها تعزز الإبداع والتفكير الإيجابي، فعندما نكون واعين ومتواجدين في اللحظة الحالية، يمكننا تحرير قدراتنا الإبداعية، واستكشاف أفكار جديدة ومبتكرة.
تعزيز العلاقات الاجتماعية
تساعدنا على أن نكون حاضرين ومتواجدين خلال التفاعلات الاجتماعية، فيمكننا أن نظهر اهتماماً حقيقياً بالآخرين، ونعبّر عن تقديرنا لهم بشكل أفضل، ممّا يعزِّز الروابط الاجتماعية والعلاقات الإيجابية.
كيف تساهم تمارين اليقظة الذهنية في تحسين الصحة العقلية؟
تساهم تمارين اليقظة الذهنية في تحسين الصحة العقلية والعاطفية بشكل كبير؛ وذلك لعدة أسباب، أهمّها:
- التقليل من التوتر والقلق: تساعد في تركيز الاهتمام على اللحظة الحالية و على الحاضر، ممّا يخفف من التوتر والقلق الناتج عن الخوف بشأن المستقبل، أو الشعور بالندم على الماضي.
- زيادة التركيز والانتباه: تساعد في تحسين التركيز، والقدرة على التركيز بشكل أفضل، و القيام بتمرين الانتباه والتركيز على التفاصيل والتفاعلات الحاضرة، إذ يمكن تعزيز القدرة على التركيز والتفاعل الإيجابي مع الحياة اليومية.
- تعزيز الوعي الذاتي: تساعد في زيادة الوعي الذاتي، وفهم النفس. والمشاعر الداخلية بشكل أفضل، عن طريق الانتباه للمشاعر والأفكار والتوجه للحاضر، إذ يمكن للشخص أن يكون أكثر وعياً لما يجري في داخله. ويتفاعل بشكل أفضل مع التحديات والمشاكل اليومية.
- تحسين الشعور بالرضا والسعادة: تعمل على تحسين الشعور بالرضا والسعادة، فما أن تكون متواجداً في اللحظة الحالية وتقبلها وتقدرها بكل ما فيها تعزز الشعور بالرضا والسعادة بالحياة.
- الحد من الاكتئاب والاضطرابات العاطفية: تشير الدراسات إلى أن تمارين اليقظة الذهنية يمكن أن تساعد في تحسين حالة المزاج. وتقليل الاكتئاب، والاضطرابات العاطفية. فبتوجيه الانتباه للحظة الحالية، واستبعاد التفكير السلبي، والتطلع إلى الإيجابية. يمكن تعزيز الصحة العقلية والعاطفية بشكل عام.
في نهاية مقالنا لليوم نتوصل إلى أن ممارسة تمارين اليقظة الذهنية بانتظام، يسمح لنا بتحسين قدراتنا المعرفية والذهنية. كما يسهم في تقدير جودة حياتنا العامة، فعندما نكون أكثر يقظة وانتباهاً. نستطيع الاستمتاع باللحظة الحالية وتجربة الأشياء بشكل أفضل لذلك، فإن تمارين اليقظة الذهنية ليست مجرد تمارين عابرة، بل هي أسلوب حياة يسهم في تطوير شخصيتنا