صدمة عاطفية ثم اكتئاب .. أهم الأسباب وطرق العلاج
صدمة عاطفية ثم اكتئاب، أو ما يسمى اكتئاب ما بعد الصدمة العاطفية هو تجربة قاسية يمر بها الكثيرون في حياتهم نتيجة تعرضهم لصدمات عاطفية قوية. حيث تتسبب هذه الصدمات في بعض الأحيان بحدوث حالة من الاكتئاب العميق. والذي يعتبر من أكثر الأمراض النفسية شيوعاً في العالم. مما يؤثر على حياة المصاب به بشكل كبير. سنستكشف في هذه المقالة تأثير الصدمة العاطفية على الإنسان وارتباطها بظهور حالات الاكتئاب. كما سنتعرف على أهم المعلومات المتعلقة بالنصائح حول كيفية التعامل مع هذه الحالات وأعراض الصدمة العاطفية وأسبابها والفرق بينها وبين الصدمة النفسية.
تفسير مفهوم صدمة عاطفية ثم اكتئاب
الاضطرابات ما بعد الصدمة تصيب حوالي 9% من الأشخاص خلال فترة ما في حياتهم. وذلك تبعاً لمرورهم بمواقف أو حوادث صعبة خلال فترات عمرية مختلفة. ومن بين أهم الحوادث التي تسبب اضطرابات ما بعد الصدمة العاطفية الكوارث والحروب أو الاعتداءات البدنية والنفسية وغيرها. فالحوادث الصادمة ذات الأثر النفسي السيء واحدة من أبرز العوامل التي تتسبب للشخص بصدمة عاطفية ثم اكتئاب أو ما يُسمى اكتئاب ما بعد الصدمة.
يسمى الاكتئاب الناجم عن الصدمة العاطفية بالمصطلح PTSD وهو ما يعني اكتئاب ما بعد الصدمة. يعتبر هذا النوع من الاكتئاب معقداً بعض الشيء، وذلك لأنه ناجم عن حالة نفسية أخرى سيئة تصيب الفرد، لذلك فإن هذا الاضطراب ليس أمراً سهلاً، فهو يتطلب العلاج الفعال والمنتظم للفرد، يعد PTSD ناجماً عن صدمة أو حدث صادم. وبالتالي فإن الفرد المصاب به سيستمر بالشعور بقلق بالغ وإحساس قوي بالخطر حتى في الحالات الآمنة.
قد يحدث هذا الاكتئاب دون أن يكون لدى الفرد خللاً ما أو ضعف في الشخصية، وقد تستمر هذه الاضطرابات لمدة شهور بعد انفضاء تلك الحادثة أو المشكلة التي تسببت بالصدمة.
من جهة أخرى يمكن أن يحدث اكتئاب ما بعد الصدمة العاطفية بشكل منفصل بعد مرور مدة طويلة على وقوع الحدث. وفي جميع الأحوال فإنه يستلزم خضوع المريض للعلاج النفسي والدعم الكبير من قبل عائلته والمقربين منه. للقضاء على حالة الاكتئاب هذه مع مرور الزمن.
أسباب اكتئاب ما بعد الصدمة العاطفية
كما ذكرنا، قد يكون سبب اكتئاب ما بعد الصدمة مقروناً بحدث مروع أو إصابة خطيرة أو مشاهدة أحداث مؤلمة أو التعرض لفقدان شخص ما بسبب معين، مما يتسبب بحدوث صدمة نفسية يصعب تجاوزها بسهولة. وبشكل عام تشمل أسباب حدوث صدمة عاطفية ثم اكتئاب ما يلي:
- الحوادث الخطيرة المؤدية لحدوث صدمة.
- حصول كوارث طبيعية قاسية كالزلازل أو الحرائق أو الفيضانات التي قد تكون مميتة.
- التهديدات أو الاعتداءات بشتى أشكالها سواء كانت جسدية أو جنسية أو نفسية.
- التعرض لرؤية حوادث التعذيب أو القتل الصعبة.
- حوادث اجتماعية مسببة للصدمات العاطفية مثل الطلاق أو الفراق أو الفقد .
- من الممكن أن تتسبب الخيبات المختلفة بحدوث صدمة عاطفية يليها اكتئاب أو اضطرابات نفسية صعبة.
العوامل المسببة لحدوث صدمة عاطفية ثم اكتئاب
إضافة إلى الأسباب السابقة. قد تحدث صدمة عاطفية ثم اكتئاب لدى أشخاص أكثر من غيرهم نتيجة لوجود عوامل محددة تجعلهم أكثر عرضة لهذا الاضطراب النفسي، ومن أمثلة هذه العوامل:
- التعرض المستمر للصدمات، ومعايشة الحروب والتأثر بها.
- التعرض لصدمة نفسية أو إيذاء سابق من مرحلة الطفولة بحيث يمتد أثره لوقت طويل.
- ألا يتلقى الشخص الدعم المطلوب والكافي بعد تعرضه لصدمة ما شديدة.
- أن يكون الفرد قد تعرض منذ مدة طويلة للاضطراب النفسي كالقلق أو الاكتئاب.
- مواجهة ضغوط حياتية قاسية بعد التعرض لصدمة عاطفية كفقدان أحد الأصدقاء أو المقربين.
- طبيعة الحدث المسبب للصدمة، إذ قد تكون بعض الأحداث صادمة لدرجة أكبر من غيرها مما يتسبب بزيادة خطر الإصابة باضطرابات ما بعد الصدمة والاكتئاب.
اقرأ أيضاً: الصدمة العاطفية عند الرجل .. كيف تكون ومراحلها
أعراض اضطراب ما بعد الصدمة
تشمل أعراض اضطراب ما بعد الصدمة عدة أشكال ومشاعر قاسية تجعل الفرد في حالة صعبة لا بد من دعمه فيها. وتختلف شدة هذه الأعراض من وقت لآخر. إذ يمكن أن تزداد مع التوتر أو من خلال التعرض لما يعيد ذكرى الحدث المؤلم. علاوة على ذلك قد تظهر أعراض تؤكد وجود صدمة عاطفية ثم اكتئاب عند الأطفال الصغار. وذلك ضمن صورة تأخر اكتسابهم للكثير من المهارات، كالنطق، المهارات الحركية. أو التدريب على استخدام المرحاض. وفيما يلي أبرز الأعراض الشائعة الدالة على معاناة الفرد من اضطراب ما بعد الصدمة العاطفية:
- تجنب تذكر الأحداث المؤلمة المرتبطة بالحدث: الشخص الذي يعاني من اضطرابات ما بعد الصدمة يتجنب تذكر كل ما يربطه بذلك الحدث المؤلم المسبب للصدمة سواء أشخاص أو أماكن أو مواقف. وهذا يتسبب بالعزلة الدائمة والرغبة بالانفصال عن المحيط.
- الانفعال والإثارة: الشخص المتألم جراء صدمة عاطفية يعاني من نوبات غضب وتوتر وهياج، ويبقى سريع الانفعال، إضافة إلى اضطرابات خلال النوم والإصابة بالفزع والذعر جراء أي شيء.
- معاناة الشخص المصاب من تسرع في ضربات القلب. وسرعة التنفس بالإضافة لحالات الغثيان والإسهال المتكررة.
- توارد الذكريات المؤلمة: المصابون باضطرابات ما بعد الصدمة يعانون من استمرار عودة الأحداث المرافقة للصدمة في ذاكرتهم حيث تظهر تلك الذكريات المؤلمة على هيئة الهلاوس والكوابيس، مع الانزعاج الشديد نتيجة تذكر هذه الأمور.
علاج اضطرابات ما بعد الصدمة العاطفية
لتخفيف ما ينجم عن وجود صدمة عاطفية ثم اكتئاب لدى الفرد لا بد من اللجوء للعلاج الصحيح والذي يحسم حالته النفسية. إذ إنه بحاجة لتخفيف الأثر النفسي المصاحب للحدث المؤلم، مع ضرورة تعلم كيفية التعامل مع تلك المشاعر والذكريات المرتبطة بذلك الحدث. علاوة على ذلك يجب أن يتضمن العلاج ما يخفف من الأعراض الجسدية المرافقة. والعمل على تحسين الأداء اليومي. لذلك ينقسم علاج اضطراب ما بعد الصدمة إلى العلاج النفسي والعلاج الدوائي اللذان سنتطرق إليهما بالتفصيل:
العلاج النفسي
هنالك عدة أشكال للعلاج النفسي تفيد في الحد من أعراض اضطرابات ما بعد الصدمة العاطفية والأعراض المرافقة للاكتئاب. ومن أهمها العلاج السلوكي المعرفي الذي يساعد في تغيير سلوكيات الفرد وأفكاره مما يساعده في تجاوز الأعراض والحدث المؤلم. كذلك يمكن للعلاج النفسي أن يشمل أشكالاً أخرى كالمعالجة المعرفية والعلاج بالتعرض والعلاج النفسي الجماعي. بالإضافة للعلاج بحركة العين عن طريق إزالة التحسس.
العلاج الدوائي
يشمل العلاج الدوائي استخدام مضادات الاكتئاب، التي تساهم في التخفيف من أعراض الإصابة بصدمة عاطفية ثم اكتئاب. وتحسن الحالة المزاجية للفرد من خلال تخفيق التوتر والقلق.
في الختام. لا بد أن نعي أن وجود صدمة عاطفية ثم اكتئاب لدى الفرد سيحد من قدرته على ممارسة الحياة اليومية. لذا ينبغي الالتزام بالعلاج اللازم لتحسين نوعية الحياة مع اتباع الكثير من النصائح التي تعزز التقدم وتحقق نتائج إيجابية. وننوه ضرورة تقديم الدعم الكامل نفسياً ومعنوياً للفرد الذي يعاني من اضطرابات ما بعد الصدمة العاطفية.