ما هو التبلد العاطفي ولماذا يحصل؟ وكيف تتخلص منه؟

آخر تحديث أغسطس 9, 2023

التبلد العاطفي من الأنواع الشائعة لحالة اللامبالاة. فمع مرور الزمن وتراكم الكثير من الأسباب والأمور الحياتية قد يصل الإنسان لمرحلة من الفتور والبرود. فعندما يتفقون البشر على إتمام علاقة ما لا بدَّ من وجود مشاعر مشتركة بين الطرفين. لكن لاحقًا يتحول الأمر فلا يتوقف على التبلد تجاه بعضهما البعض فقط، بل من الممكن أن يتبلد شعور أحدهما تجاه الموجودات كلها. وفي هذا المقال سنتعرف معًا على أسباب التبلد وكل ما يتعلق به. فتابعوا معنا.

ما هو التبلد العاطفي

عرّف أحد المختصين في الطب النفسي. أنّ تبلد المشاعر أو ما يُعرف التبلد العاطفي هو حالة من نقصان أو محدودية التفاعل الشعوري والحسي في آنٍ معًا تجاه الاستجابة للمؤثرات الداخلية أو الخارجية عند المرء في حياته. كما أنه يوجد هنالك دراسات أخرى تقول أنّ تبلد المشاعر ما هي إلا صعوبة إنتاج الشعور أيًا كان تصنيفه سواء مع السعادة أو الحزن. الحب أو الكره، وسواءٌ كان يحمل بين طياته خيرًا أم شرًا. فيصبح المرء غير قادر على الشعور بأي نوع من المتعة ضمن أنشطته اليومية حتى وإن كان هنالك حدثًا جديدًا يقتحم يومه، كما يصبح التواصل الاجتماعي عنده ضعيفٌ جدًا. فضلًا عن ذلك تضعف متانة شخصيته لأنه غير قادر على بناء أو تطوير أي شيء بداخله فتتراجع حياته على كافة الأصعدة.

ويُعرّف أيضًا التبلد العاطفي على أنه افتقاد المرء لإظهار أي نوع من المشاعر حتى يكاد الأمر يصبح معدومًا. على عكس الإحساس العاطفي الذي يكون انعكاسًا لكل ما تتلقاه الحواس الجسدية للمرء وما يثير فيها حالة من استكشاف الشعور الذي يشعر به ليحلله ويدركه. مما يجعله قادرًا على إبداء ردة فعل عاطفية، وقد أكدّ علماء النفس أنّ التبلد العاطفي يجعل الشخص لا يشعر بخطر هذا الاضطراب فتتغيب عنده المشاعر وردود الأفعال تمامًا.

ففي بداية الأمر قد يكون الأمر مجرد صدمة عاطفية محدودة الوقت والأثر. بحيث يظهرها في مواقف معينة وأخرى لا، أو أمام أشخاص محددة فقط. في حين أنه في حال استمرّ على ذات الوتيرة يصبح ينظر لكل ما حوله بأنهم لا شيء. وعندما ننظر إليه نجده سارحًا وجامدًا كما لو أنه في عالمٍ آخر أقرب ليكون في منفى الوجود ولا نستطيع الوصول إليه وانتشاله. ومن الجدير بالذكر أنّ التبلد العاطفي هو عبارة عن اضطراب نفسي حاد من الممكن مع استمراره أن يغرق الإنسان به ويتحوّل إلى مرضٍ نفسي شبه دائم إن لم يتم معالجته.

أعراض التبلد العاطفي

يوجد هنالك أعراض عدّة للتبلد العاطفي ترافقه وتظهر على المرء المصاب بهذا الاضطراب النفسي. وتختلف هذه الأعراض من شخصٍ إلى آخر حسب طبيعة شخصيته ونفسيته الداخلية، فضلًا عن ذلك. إنّ السبب المباشر لوصول المرء لهذه المرحلة يحدد أيضًا مدى عمق التبلد. وقد جمعنا لكم أهم هذه الأعراض وسنقدّمها إليكم على النحو التالي:

يغيب المرء تمامًا عن أي نوع من المشاعر المتعلّقة بالسعادة أو الحزن حتى يكاد ينسى اسمها.
يصبح الأرق عدو راحته في لياليه ولا يُطاق أبدًا وحقيقةً لا يوجد شيء محدد يفكر المرء به، فمن الممكن أن يتخيل مثلًا ما هو موجودٌ في الفضاء. المهم ألا ينعم براحة النوم.
يصبح المرء غير قادرٍ أبدًا على التواصل مع الآخرين مهما كانت مكانتهم ويجد صعوبة كبيرة جدًا بتكوين أي نوع من العلاقات الاجتماعية أو حتى الحفاظ عليها.
يرافقه طوال الوقت الشعور بالإعياء والكثير من الصداع والخمول.
من الصعب جدًا أن يشعر المرء المصاب باضطراب التبلد العاطفي بالحب تجاه الأشخاص والأشياء والموجودات وحتى تجاه نفسه. كما أنّ شعور المودة والرحمة يندثر تمامًا من داخله.
اللامبالاة عنده تكون عالية جدًا ومن المستحيل أن ترمش له شعرة واحدة مهما كان الموقف صعبًا وقاسيًا.
يجد صعوبة كبيرة في التركيز. حيث يكون غالبًا في عالمٍ آخر بعيدًا كلّ البعد عن العالم الحقيقي الموجود به.
هنالك بعض الأشخاص تتفاقم عندهم حالة النسيان والفئة الأخرى منهم يصبح تذكرهم عالٍ جدًا لأمور صغيرة وتافهة.
من الممكن أن يتصرف المتبلد عاطفيًا تصرفاتٍ متهورة ومجنونة يؤذي بها نفسه ويؤذي الآخرين معه دون أن يدرك.
يفقد المتبلد عاطفيًا أي دافع للإنتاج أو التقدّم والاستمرار على أي صعيد في حياته.

أسباب التبلد العاطفي

تختلف أسباب حدوث التبلد العاطفي باختلاف الظروف والأحداث التي أوصلت المرء لهذه المرحلة. ومن الضروري جدًا أن يعرف الطبيب أو المعالج النفسي من خلال جلساته مع المريض ماهية العوامل المؤدية لهذه الحالة. ومن أهم وأبرز تلك الأسباب اخترنا لكم ما يأتي:

التعرّض لصدمة عاطفية كبيرة نتيجة فقدان شخص عزيز جدًا لسبب ما، كالموت أو السفر.
الإدمان على المخدرات.
الاكتئاب الحاد الذي يصيب المرء نتيجة ضغوطات الحياة ويتركه دون علاج أو مواجهة.
الإفراط في تناول المنشطات للجهاز العصبي فإمّا يأخذها على دفعات كبيرة أو لمدة طويلة.
استعمال مضادات الاكتئاب بطريقةٍ عشوائية مخالفة لإرشادات الطبيب.
يبدأ وعي الإنسان بقبح العالم وأنه لا يوجد شيء مثالي في هذه الحياة.

طرق علاج للتبلد العاطفي

في حقيقة الأمر إنّ علاج التبلد العاطفي يعتمد اعتمادًا كبيرًا على مدى عمق التأثر بهذه الحالة ولأي مستوى. من الممكن أن تكون قد وصلت هذه الحالة في نفس الشخص وماهية أسبابه. ولهذا سنستعرض لكم أهم طرق العلاج التي ستحد من هذا الاضطراب وهي على النحو التالي:

يمكن معالجة الإنسان من التبلد العاطفي عن طريق وصف أدوية معينة يواظب عليها. لكن هذا العلاج مستبعدٌ تمامًا عندما يكون المرء يتناول مسبقًا هذا النوع من الأدوية.
من الضروري جدًا أن يلجأ المرء إلى طبيبٍ نفسي حيث يعزز العلاج له ليس فقط بالدواء، بل بالكلام أيضًا. وذلك عن طريق جلسات عدّة يتم التحاور والإنصات إلى المريض بها.
إنّ الأصدقاء والأشخاص المقربين أيضًا لهم دور فعّال في هذه المرحلة عن طريق تقديم الدعم النفسي والروحي للشخص المصاب بالتبلد العاطفي.

طرق أخرى لعلاج للتبلد العاطفي

في بعض الحالات يكون العلاج ذاتيًا لذلك يُنصح بالعلاج الحسي وهو الإكثار من استعمال حاسة اللمس عند المرء فمثلًا يلاعب الحيوانات الأليفة أو يستحم مرات عدّة بمياه باردة.
وفي العلاج الذاتي أيضًا يمكن للمرء أن يفعل ما يحب، كأن يستمع إلى الأغاني التي يفضلها، يقرأ، يلعب، يمشي. وغيرها من الأمور التي تحفزه على الاستمرار.
إنّ تنشيط حاسة السمع عند المرء المصاب بهذا الاضطراب يعزز من تسريع عملية العلاج. لذلك من الأفضل أن يكون نوع الأغاني هادئ أو حزين في البداية وبعدها ينتقل إلى النوع الصاخب والحماسي.
من المهم جدًا أن يتواصل الإنسان المصاب باضطراب التبلد العاطفي مع الأطفال.
تناول الأطعمة المفضلة لدى المرء ومشاركة هذا النشاط مع الأصدقاء والأشخاص المقربين.
يجب على المرء ألا يفقد الأمل ويحاول باستمرار. حتى وإن كان في بداية الأمر كسولًا ويشعر بالخمول دائمًا ولا يوجد أي نتيجة واضحة.

وفي ختام المقال، إنّ التبلد العاطفي ظاهرة من الممكن أن يتعرض إليها أي إنسان ضمن محطات حياته. لذلك لا داعي للقلق حيال الأمر أبدًا، لكن في ذات الوقت يجب علينا ألا نهملها إطلاقًا، كما أنه يجب علينا أيضًا أن نتذكّر دائمًا. أنّ العلاج الأولي لأي مرض أو اضطراب نفسي يكون نابعًا من ذاتنا ولحين الوصول إلى الاستقرار العاطفي الذي نطمح له.

علاقات