الصدمة العاطفية .. هذا ما يجب عليك معرفتها عنها
الصدمة العاطفية هي عبارة عن حالة نفسية مرتبطة باستجابة العاطفة. عند تعرّض الإنسان لحادثةٍ ما تلقاها بصرامة قوية جعلت كيانه يتزعزع ويهتز سلامه العاطفي. وفي حقيقة الأمر هي لا تتوقف عند الحالة النفسية فقط. بل تؤثر على الجسد أيضًا. ولهذا سنقدّم إليكم المعلومات الكاملة التي تحتاجون معرفتها في هذا الموضوع، فتابعوا معنا.
مفهوم الصدمة العاطفية
يمكننا تعريفها بعلم النفس أنها حالة هستيرية تكون ناتجة عن تعرّض المرء لموقفٍ مؤلم وحاد ومفاجئ دون أي سابق إنذار. أو يكون قد مرّ بتجربةٍ عاطفية نهايتها قاسية سواء على صعيد الحب أو الصداقة أو العائلة. مما سبب له ضررًا نفسيًا رافقه الكثير من الأضرار والأمراض الجسدية. وأيضًا تكون هذه الصدمة إثر التعرّض للاعتداء الجنسي مثلًا أو فقدان عزي.ز أو تكرار أحداث التعرض للأذى النفسي أو الجسدي كإساءة التعامل مع الأطفال وإهمالهم وضربهم. وهذا يجعل الحزن والألم والغضب يسيطر على الإنسان داخليًا حتى تنطفئ روحه رويدًا رويدًا ويصبح شخصًا انعزاليًا أو عدوانيًا. وقد يحدث في بعض الحالات تولّد مشاعر مضاعفة كجلد الذات ولومها. وفي حال لم يتم علاج هذه الصدمة فمن الممكن أن يتأقلم المرء على تأجج المشاعر السلبية بأعماقه وبالتالي يتحوّل الأمر إلى مرضٍ نفسي يُصعب علاجه.
أنواع الصدمة العاطفية
يوجد هناك عدة أنواع للصدمات العاطفية التي سيتعرّض المرء إلى واحدة منها حتمًا أو كلها في أثناء رحلة حياته. ومن أبرز تلك الأنواع اخترنا لكم ما يأتي:
- الصدمة الحادة: تمّ تعريف هذا النوع من الصدمات بأنها استجابةٌ عاطفية. تنشأ نتيجة التعرّض لموقف مفاجئ قاسي الوقع وصادمًا على روح الإنسان.
- الصدمة الثانوية: وتعرف أيضًا بأنها صدمة غير مباشرة وهي تأثر المرء بما يحدث مع الأشخاص حوله فيتلقى الصدمة معهم ويتأثر بها وكأنها حدثت معه شخصيًا. ويعود السبب في ذلك للهشاشة النفسية بداخله.
- الصدمة الطفولية: وهي من أصعب الصدمات النفسية التي يتلقاها الإنسان في حياته، حيث أنّ هنالك الكثير من الأشخاص لا تتذكر سبب رُهابها من أمر معين. وحقيقةً أكدّ علماء النفس أنّ مرحلة الطفولة من أكثر المراحل التي يتعرض بها الإنسان لصدمات عاطفية. وذلك لأن عقله يكون كالصفحة البيضاء لا يستطيع تمييز أي شيء يراه أو يسمعه أو يحدث معه.
أسباب الصدمة العاطفية
تعددت أسباب الصدمة العاطفية واختلفت باختلاف الطبيعة النفسية لكل إنسان. فضلًا عن ذلك الأحداث التي يتعرّض لها في أثناء مروره برحلة الحياة تحدد ماهية ثبات الصدمة أم لا. فمن الممكن أن يكون موقفًا ما يسبب صدمة عاطفية كبيرة لشخص ما وللآخر لا. ومن أهم وأبرز تلك الأسباب جمعنا لكم ما يأتي:
- قد يتعرّض الإنسان إلى حدوث ألم جسدي شديد يسبب له صدمة عاطفية مثل الاعتداء الجنسي أو ممارسة العنف والضرب معه، أو التعرض لحادث سير مثلًا. وخاصةً في أثناء مرحلة الطفولة.
- إصابة المرء بمرض خطير. وسواء تعافى منه أم لا قد يسبب له صدمة عاطفية كفقدان أحد الأطراف (ذراعين أو قدمين).
- من الجدير بالذكر عند حدوث أي كارثة طبيعية كالزلزال أو انفجار فوهة بركانية أو فيضانات وغيرها، ستولد حتمًا صدمة عاطفية عند غالبية الأشخاص. ولا يمكن أن ننسى ذكر الحروب وما يحدث فيها من بشاعة وعنف وترهيب تسبب هشاشة داخلية عميقة من الصعب علاجها.
- يعتبر النزوح أو اللجوء نتيجة الحروب أو نتيجة صراع عائلي ما من أهم الأسباب التي تجعل الصدمة العاطفية تنتفض من أعماق المرء. فليس كل البشر قادرين على التأقلم على نمط حياة جديدة.
- ومن المهم جدًا مراعاة وتفهم صدمة المرء حال فقدانه لشخص عزيز على روحه. فهنا الصدمة العاطفية تكون مضاعفة وتحتاج لسنوات طويلة لتجاوزها.
- علينا ألا نغفل عن ذكر التعنيف الأسري. حيث يكون له دورًا كبيرًا في تلقي الصدمة العاطفية.
- الطلاق والتشتت الأسري.
- التغيرات الجذرية في حياة الإنسان كانتقال منزله من مكانٍ إلى آخر مختلف في المستويات المعيشية والطبقات الاجتماعية أو تغيير جوهر عمله واستبداله بعمل آخر لا يشبهه.
أعراض الصدمة العاطفية
في حقيقة الأمر إنّ الصدمة العاطفية يختلف انبثاق أعراضها على حسب مدى عمق تأثر الشخص بها. ولا يمكن إنكار أنّ طبيعته النفسية وبيئته الاجتماعية أيضًا تلعبان دورًا مهمًا في تحديد سلوكه وطريقة تعبيره عن ألمه وحزنه. فضلًا عن ذلك نظرته تجاه العالم. ومن أبرز تلك الأعراض سنقدّم إليكم ما يأتي:
- يتكاثر في داخل المرء شعوري الخوف والعجز بطريقةٍ رهيبة حيث أنه يصبح لا يعي كيف تمّ ولادتهما أو كيف يمكنه التخلص منهما.
- يشعر المرء باستمرار أنه بحاجة ماسة لانفصاله عن الواقع والعالم حوله.
- تتملكه مشاعر الغضب والإنكار والتعجب بسبب وقع الحدث وصدمته.
- يصبح من الصعب جدًا على المرء أن يركز في أي شيء حتى نفسه المتصاعد منه، وبمعنى آخر يفقد شعوره بالعالم حوله.
- يرافق الصدمة حتمًا ظهور الاكتئاب والأرق والقلق وحدوث تقلبات مزاجية كثيرة.
- يكره المرء أن يقتحم أي مكان اجتماعي يفرض عليه التواصل مع أي نوع من الوسط حوله.
- يصاب بتخدير عاطفي قوي فيصبح من النادر جدًا أن يحركه أي شيء أو يؤثر عليه إيجابًا أو سلبًا.
- يفقد المرء اهتمامه تمامًا بممارسة أي نوع من نشاطاته اليومية المعتادة.
- ومن الناحية الجسدية فمن الممكن أن يستحوذ عليه الصداع مع استمرار الصدمة العاطفية.
- يشعر طوال الوقت أنّ ضربات قلبه لا تتوقف عن إحداث ضجيج مزعج، مما يجعله متعب ويشعر بالوهن عمومًا وتصبح عضلاته متشنجة ويصعب عليه النوم جدًا.
- من الممكن أن تظهر اضطرابات واضحة بالشهية تجاه الطعام فمثلًا يفقد الرغبة بتناول طعامه المفضل.
اقرأ أيضاً: أهم خطوات وطرق التخاطر العاطفي
نصائح لعلاج الصدمة العاطفية
إنّ الاعتماد الأكبر بالنسبة إلى علاج الصدمة العاطفية يكون على عاتق المريض في المرتبة الأولى. حيث تكون طريقة تعامله مع الصدمة هي من تحدد علاجه. فضلًا عن ذلك لا يمكننا نسيان أنّ وعي الإنسان يحدد استجابته للعلاج. ولكننا اليوم في مقالنا قد جمعنا لكم أهم النصائح العلاجية التي ستجعلكم تتجاوزون أي صدمة عاطفية. وستكون على النحو التالي:
- في بداية الأمر يجب عليكم أن تتقبلوا وجود الصدمة العاطفية في حياتكم حتى تكونوا قادرين على التعامل معها.
- فعندما تتقبلون وتتفهمون وجودها تدخلون بنوع من أنواع الرضا والتسليم. أنّ السلوكيات النفسية الصادرة منكم رغم كل قبحها إلا أنها فترة مؤقتة وستزول مع زوال الصدمة العاطفية.
- حاولوا أن تتجنبوا الاجتماعات العائلية والمناسبات الاجتماعية. فذلك حتمًا سيجعلكم مضغوطين نفسيًا أكثر لأنكم ستكتشفون انعدام قدرتكم على الاندماج معهم.
نصائح أخري لعلاج الصدمة العاطفية
- تحدثوا مع ذاتكم أكثر وأنصتوا لها جيدًا. دعوها تتحدث بكل ما تريده، إياكم أن تكبتوا أي شعور أو فكرة بداخلكم.
- تحلوا بالصبر فذلك مفتاحكم الوحيد للنجاة. وتأكدوا أنّ لكل شيء نهاية، حتى الحزن والألم.
- يجب عليكم أن تتصالحوا مع فكرة حاجتكم إلى شخص واحد على الأقل ليقدّم لكم دعمًا نفسيًا. قد يكون هذا الشخص مرشدًا نفسيًا أو صديقًا أو شخصًا عزيزًا مقربًا منكم.
- حاولوا أن تتبعوا نمطاً صحياً ليومكم. كتناول الأطعمة الصحية وممارسة الرياضة والنوم بانتظام وغيرها من الأمور التي تساعد على تهدئة الأعصاب والنفس.
- لا تكبحوا جماح رغبتكم بالتجديد أو ممارسة أي نشاط يخطر في ذهنكم كالركض أو القراءة أو الرقص بحجة أنّ هنالك صدمة عاطفية تعيش بداخلكم.
- لا بأس بأن تمارسوا ما تحبون ومن بعدها تعودون إلى قوقعتكم العاطفية، فمع التكرار والوقت ستخرجون منها حتمًا.
- ابتعدوا عن الأشخاص السلبيين والبيئة السلبية التي تشعرون أنها تحفز المشاعر والأفكار المؤذية بداخلكم.
للمزيد: كيف تنهي علاقة عاطفية دون ان تجرح الطرف الآخر
وفي ختام المقال. إنّ الصدمة العاطفية تكون مؤذية فعلًا على روح الإنسان لذلك يجب علينا ألا نستخف بها ونتفهم الحالة النفسية المضطربة التي يكون فيها المرء الذي يعاني منها. ويجب علينا أيضًا أن نحذر من مضاعفات هذه الصدمة مثل الاكتئاب والعزلة ونساعد الشخص الغارق بهذه المرحلة القاسية والصعبة في حياته.