الذكاء العاطفي في بيئة العمل .. كيف تطوره وتكون أكثر فعالية
الذكاء العاطفي في بيئة العمل أصبح أمراً لا يمكن الاستغناء عنه وخاصة في ظل التطورات العلمية الراهنة. فأهمية الذكاء العاطفي في العمل توازي أهمية المهارات العلمية والفنية والكفاءات. ونتيجة لذلك فقد حظي هذا الأمر بالدراسة واهتمام الكثير من العلماء والباحثين. لذلك سوف نتحدث في هذا المقال عن ذلك الموضوع من عدة جوانب.
مفهوم الذكاء العاطفي في بيئة العمل
الذكاء العاطفي في بيئة العمل هو قدرة الفرد على فهم عواطفه بشكل جيد وإدارتها. وكذلك فهم مشاعر الآخرين في العمل والقدرة على التعامل معها بشكل يساعد على تحسين آلية العمل والتعاون بين الموظفين لجعل مكان العمل مكاناً مبهجاً ومريحاً. وذلك لأن إهمال هذا الجانب في العمل أو انعدام وجود الذكاء العاطفي أمر سلبي له آثار مدمرة على المؤسسة وعلى الموظفين فيها أيضاً.
الذكاء العاطفي في بيئة العمل في علم النفس
لقد أعطى الكثير من الخبراء النفسيين للذكاء العاطفي في العمل أهمية كبيرة في الحياة بشكل عام وفي العمل بشكل خاص. وفي هذا السياق أكد عالم السلوك المشهور دانيال جولمان. أن الذكاء العاطفي يجب أن يتم تدريسه للأطفال في المدارس نظراً لأهميته وقد تم تجريب تدريسه في مائة مدرسة ولوحظ بوضوح الفرق حيث انخفضت نسبة السلوكيات غير الاجتماعية. كما قال العالم ريكس هوبكي أن فهم تغيرات وفروقات المشاعر الإنسانية في العمل بإمكانه أن يعود بفوائد عملية كثيرة مثل تعزيز التعاون وتطوير العمل.
أهمية الذكاء العاطفي في بيئة العمل
كما ذكرنا سابقاً بأن الذكاء العاطفي في العمل له أهمية كبيرة ويحقق فوائد كثيرة في البيئة العملية ومن بنود أهميته نذكر:
تحسين جودة العلاقات في العمل
من خلال قدرة الفرد الذكي عاطفياً على التعامل مع زملائه في العمل وبناء العلاقات والقدرة على التحكم في النزاعات بشكل فعّال حيث يتمتع الأذكياء عاطفياً بالتصرف بعقلانية وشرح الأفكار بوضوح وبشكل موضوعي.
الذكاء العاطفي من المهارات الأساسية للإدارة الناجحة
الادارة الناجحة ترتبط بالقدرة على تحفيز الآخرين وإلهامهم. حيث أن القائد أو المدير الذي يتمتع بالذكاء العاطفي في العمل يستطيع رؤية أي أمر بوضوح عندما يكون باقي فريق العمل مشوش.
يساهم في قدرة الموظفين على التكيّف بشكل أكبر
بيّنت الأبحاث أن الموظفين ذوي الذكاء العاطفي المرتفع هم في غالبية الأحيان أكثر قدرة على التكيّف بشكل أفضل. أما الأشخاص الذين يمتلكون ذكاء عاطفي منخفض فهم أقل قدرة على التكيّف مع ضغط العمل.
يؤثر على الأداء الوظيفي
أكدت الكثير من الدراسات أن الأشخاص الذين يمتلكون ذكاء عاطفي في العمل. هم الأكثر قدرة على تحقيق نتائج أفضل في مجال عملهم مقارنة بأولئك الذين لا يمتلكون ذكاء عاطفي وذلك لأن هناك روابط واضحة بين الذكاء العاطفي والعديد من السلوكيات التنظيمية مثل العمل ضمن الفريق والالتزام وغيرها.
سهولة التعامل مع المواقف الطارئة وتقديم الحلول البديلة
أكد الباحث في مجال القيادة جاري يوكل أن الذكاء العاطفي في العمل يسهل فهم الفرد لاحتياجات الآخرين وفهم ردود الأفعال المحتملة. وبالتالي القدرة على التعامل مع أي موقف غير محسوب وتقديم حلول بديلة ومناسبة.
عناصر الذكاء العاطفي في بيئة العمل
إن الذكاء العاطفي في العمل يتمحور حول أربعة عناصر وهي:
الوعي الذاتي
يعني هذا العنصر فهم الفرد لذاته ومعرفة نقاط ضعفه ونقاط قوته. بالإضافة إلى الوعي بدوافعه وتأثيره على الآخرين. ويظهر هذا العنصر في العمل من خلال ثقة الشخص بنفسه وتقبله للنقد البنّاء والتخطيط لعمله بشكل دقيق وأداء عمله على أكمل وجه.
الإدارة الذاتية
هذا العنصر يدل على قدرة الشخص على التحكم في دوافعه وحالاته المزاجية وتوجيهها بشكل إيجابي. فإذا كان الشخص يمتلك الذكاء العاطفي فإن هذا العنصر يظهر من خلال قدرته على التعامل مع المواقف التي تسبب غضبه مثل فشل مهمة ما. فهو يوجه هذه المشاعر السلبية إلى طريق إيجابي من خلال قيامه بالبحث عن الأسباب المؤدية للفشل بدلاً من الصراخ وإلقاء اللوم على الفريق.
التحفيز
العنصر الثالث للذكاء العاطفي يتمثل بالشغف العالي والاستمتاع بالإنجاز بشكل يوجه طاقة الشخص نحو تحقيق المزيد من الإنجازات والتفاؤل تجاه عمله للتقدم والتحسين دائماً.
التعاطف
يشير هذا العنصر إلى فهم الشخص لعواطف الآخرين ويشمل الكثير من الخبرات التي يتميز بها الشخص الذي يمتلك هذا العنصر مثل الخبرة العالية في اختيار الأشخاص للعمل وتوظيف المواهب، القدرة على تطوير بعض الأشخاص في العمل وتدريبهم. بالإضافة إلى المهارات الاجتماعية التي تتيح له فهم الثقافات الأخرى وبناء العلاقات في العمل.
اقرأ أيضاً: الاستنزاف العاطفي .. ما يلزمك معرفته عنه حتى تعيش حياة مستقرة
علامات امتلاك الشخص للذكاء العاطفي في بيئة العمل
- اتخاذ القرارات الأفضل والقدرة على حل المشكلات.
- الإصغاء والتفكير العميق وامتلاك قدرة الرد على النقد البنّاء.
- القدرة على حل النزاعات بين الأفراد.
- الشغف للعمل والسعي للنجاح بشكل دائم.
- الهدوء وعدم التوتر في حالات ضغط العمل.
- عدم الانتقاد المفرط للآخرين.
- الاعتراف بالأخطاء إذا قام بارتكابها.
- القدرة على أداء مهامه بأفضل صورة وأسرع وقت.
- النزاهة في العمل واستحقاق الثقة.
- القدرة على أداء أي مهمة يتم تكليفه بها.
كيفية تنمية الذكاء العاطفي في بيئة العمل
يمكن للشخص زيادة ذكائه العاطفي في العمل من خلال:
- الانتباه إلى الطريقة التي تشعر بها وهل تؤثر مشاعرك في اتخاذ قراراتك أو طريقة تفاعلك.
- ممارسة التنظيم الذاتي من خلال إيجاد طرق مناسبة للتعبير عن مشاعرك بدلاً من الرد السريع والمتهور.
- التنفيس عن ضغط العمل بممارسة بعض الهوايات خارج أوقات العمل.
- العمل من أجل دافعك الخاص وشغفك وليس فقط من أجل الحصول على مكافآت خارجية.
- تجديد حماسك من خلال التركيز على الأمور التي تحبها في العمل وتبنّي المواقف الإيجابية.
تنمية الذكاء العاطفي في العمل من قبل الإدارة
تقوم بعض الشركات بإقامة دورات تدريبية تستمر لعدة أيام داخل مقر العمل بهدف زيادة الذكاء العاطفي لدى موظفيها ولكي تكون هذه الدورات ذات جدوى يمكن التخطيط لها كما يلي:
- اليوم الأول يتم تخصيصه لشرح خطوات تطوير الذكاء العاطفي في العمل وأهمية ذلك في الحياة العملية.
- اليوم الثاني يتم التحدث فيه عن كيفية استخدام الذكاء العاطفي لتحول الشخص من المناصب الوظيفية العادية إلى المناصب القيادية.
- اليوم الثالث التعرف على أدوات ومكونات وعناصر الذكاء العاطفي في العمل وأهمية كل عنصرمنها.
- اليوم الرابع شرح أدوات الذكاء العاطفي القيادية والاجتماعية وكيفية تطبيقها من أجل الحصول على أفضل النتائج.
ويمكن أن تطول مدة الدورة أو تقصر تبعاً لتجاوب الموظفين معها، كذلك يمكن عمل اختبارات تبين استفادتهم منها أو لا.
وفي نهاية المقال يمكن القول إن الذكاء العاطفي في بيئة العمل بات أمراً لا غنى عنه ولا سيما في ظل العولمة وعصر السرعة وذلك لأنه يساعد في زيادة قدرة الشخص على فهم بيئة عمله المهنية والاجتماعية والثقافية مما يجعله يعرف كيفية التفاعل معها.